لِمَ ؟ ..... بِمَ .
سيتبادر إلى ذهنك عزيزي القارئ ما معنى هذا العنوان ؟
وماذا أعني بلِمَ ؟ ، وما المقصود من بِمَ . .
ستكون الإجابة واضحة بعد قراءتك لهذه السطور القليلة التالية ، وستعرف سبب تسمية هذه الصفحة بـ لِمَ ؟ .... بِمَ . .![]() |
https://www.mr-alihamoud.com/2020/06/blog-post_28.html |
كنت أقرأ آيات من سورة المدثر ؛ فاستوقفتني الآيات من الآية الحادية عشرة من قوله تعالى : " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا " . إلى الاية السادسة والعشرين ، ففي خمس عشرة آية تحدث الله – عز وجل – عن قصة الوليد بن المغيرة والد خالد بن الوليد رضي الله عنه . فاسمحوا لي أن أقص عليكم قصته في نهاية الصفحة :
سنتكلم عن ذلك في ثلاث مراحل :
كيف كان حال الوليد بن المغيرة ؟ : (خير ونعم كثيرة ) .
قال تعالى : " ذرني ومن خلقت وحيدا * وجعلت له مالا ممدودا * وبنين شهودا * ومهدت له تمهيدا * ثم يطمع أن أزيد " .يقول الله تعالى : اتركني وهذا الجاحد الذي كان فقيرا ، فأعطيته المال الكثير ، والأولاد الذين يشهدون مجالسه ،وهيأت له وسائل الراحة والرياسة ، ثم إنه يطمع بعد ذلك أن أزيد له في هذه النعم .
كان في نعمة وفضل وخير كثير هيأه الله – عز وجل – له ، فهل شكر أم كفر بنعم الله عليه ،
إلام سيصير حاله بعد ذلك ؟ : ( حكم الله عليه )
قال تعالى : " سأرهقه صعودا " وقال تعالى : " سَأُصْلِيهِ سَقَرَ " .يقول الله تعالى : فإني سأنزل به العذاب الشاق المهلك ، الذي لاطاقة له به ، ولاقدرة عليه .
سألقي به في جهنم التي لا تترك شيئا إلا أهلكته ، ومن شدة نيرانها تغير ألوان الجلود .
فلماذا يارب ستفعل به ذلك ؟ ، وما أسباب تحول نعمك عنه ؟ ، ولم سينال ذلك العقاب الأليم ؟ .
فماذا فعل الوليد بن المغيرة ؟ : ( حيثيات الحكم ) .
قال تعالى : " إِنّهُ كَانَ لآيَاتِنَا عَنِيدًا * إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ " .يجيب ربنا ويبين لنا حيثيات الحكم عليه بأنه فكر وقدر ثم يستخدم التوكيد اللفظي لتأكيد فعلته ، ففعلها عامدن متعمدا ، فعل مع سبق الإصرار والترصد والتدبر والتفكر لما فعل ، فنظر حواليه ثم قطب بين عينيه بخبث ولؤم ، وكلح وجهه ، ثم أعرض عن الحق وتكبر وتعالى عن قوله الحق وقال هذا الشقي بعد كل ذلك : ما هذا القرآن إلا سحر مروي عن الأقدمين ومنقول منهم ؛ فطمس الحق ونفاه ونشر الأكاذيب حوله .
وهنا وقفة :
فقد تحولت النعمة إلى عذاب شديد . هنا إجابة السؤال : لِمَ ؟ .وذلك بسبب الجحود ، وكفر النعم ، والإعراض عن الحق ، وتكبره ، وقوله في القرآن ماليس فيه . الإجابة تكون: بِمَ .
أي : لِمَ يعذبه الله ؟
بِمَ كسبت يداه ، وبِمَ أنكر من الحق .
فانتبه أيها الغافل العاصي ؛ حتي لا تسأل ذلك السؤال : لِمَ ؟ ، فتكون الإجابة عليك: بِمَ .
أي : لِمَ حدث ذلك ؟
بِمَ فعلت كذا وكذا ........
قصة الوليد المغيرة التي بسببها توعده الله وأنزل فيه قرآن ، يُتلى إلى يوم القيامة :
كان النبي يقرأ من (سورة غافر) : " حم * تَنْزِيلُ الْكِتَابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ * غَافِرِ الذَّنْبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ شَدِيدِ الْعِقَابِ ذِي الطَّوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ " .
وكان الوليد يسمع قراءته ، ففطن له (أي انتبه) رسول الله ، وأعاد الآية . فانطلق الوليد حتى أتى مجلس قومه .
فقال : "والله لقد سمعت من محمد آنفاً كلاماً ماهو من كلام الإنس ولا من كلام الجن ؛ إن له لحلاوة ، وإن عليه لطلاوة ، وإن أعلاه لمثمر ، وإن أسفله لمغدق ، وأنه يعلو وما يعلى عليه ". ثم انصرف إلى منزله .
فقالت قريش : صبأ والله الوليد، وهو ريحانة قريش ؛ والله لتصبأن قريش كلهم .
فقال أبو جهل : أنا أكفيكموه . فانطلق فقعد إلى جنب عمه الوليد حزيناً .
فقال له الوليد : "مالي أراك حزيناً يا ابن أخي ؟ " .
فقال : " وما يمنعني أن أحزن ؟ وهذه قريش يجمعون لك نفقة يعينونك على كبر سنك ويزعمون أنك زينت كلام محمد ، وإنك تدخل على ابن أبي كبشة وابن قحافة لتنال من فضل طعامهم " ،
فغضب الوليد ،
وقال: " ألم تعلم قريش أني من أكثرها مالاً وولداً ؟ . وهل شبع محمد وأصحابه ليكون لهم فضل ؟ " ، ثم قام مع أبي جهل حتى أتى مجلس قومه .
فقال لهم : " تزعمون أن محمداً مجنون فهل رأيتموه يحنق قط ؟ " ، قالوا : " اللهم ، لا " .
قال : " تزعمون أنه كاهن ، فهل رأيتموه تكهن قط ؟ " . قالوا : "اللهم ، لا" .
قال : " تزعمون أنه كذاب فهل جربتم عليه شيئاً من الكذب ؟ " . قالوا : لا .
فقالت قريش للوليد فما هو ؟ فتفكر في نفسه ثم نظر وعبس .
فقال : " ما هو إلا ساحر أما رأيتموه يفرق بين الرجل وأهله وولده ومواليه فهو ساحر وما يقوله سحر يؤثر." .
فنزل فيه قول القرآن في سورة المدثر : " إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ * فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ نَظَرَ * ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ * ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ * سَأُصْلِيهِ سَقَرَ " .
وتوفي الوليد بسبب جرح كان قد أصابه بأسفل كعب رجله قبل فترة من الزمن ، اعتل عليه مرة أخرى فقتله .
تعليقات: 0
إرسال تعليق