كيف تكون محبوبا ؟ ( 1 )
اللقاء الأول
إن المحبة غاية صعبة لايدركها إلا الفطن ، فكيف يكون الإنسان محبوبا ؟ ، وكيف يكسب القلوب ؟ ، فطريق القلوب طريق صعب ، وغاية يتمنى الجميع إدراكها .ويجب على الإنسان أولا أن يحب نفسه ويتقبلها كماهي ، فلكل منا عيوبه ومميزاته ، ويجب ألا ننظر إلى ما عند الناس فقد فضل الله بعض الناس على بعض ، فإذا كنت ناظرا فانظر إلى من هم دونك ؛ تجد نفسك أسعد الناس .
وقد استمعت يوما شريط تسجيلي للشيخ " إبراهيم الدويش " ، يتكلم فيه عن محبة القلوب ، واستخلصت منه بعض الطرق لكسب محبة القلوب .
![]() |
https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/1.html |
الطريق الأول: الابتسامة :
قالوا : الابتسامة كالملح في الطعام ، بدونها تكون الحياة لاطعم لها ، وهي أسرع سهم تملك به القلوب وهي مع ذلك عبادة وصدقة، (فتبسمك في وجه أخيك صدقة ) كما في الترمذي، وقال عبد الله بن الحارث : ( ما رأيت أحداً أكثر تبسماً من رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فمن أراد أن يكسب صدقات من غير مجهود ، ويكسب قلوب الناس فعليه بالتبسم في وجه الناس ، فهي كالسحر ، تفتح القلوب ، وتيسر الأمور ، وتقلل الضغط النفسي الذي يتعرض له الناس كل يوم .الطريق الثاني: البدء بالسلام :
البدء بالسلام سهم يصيب سويداء القلب ليقع فريسة بين يديك لكن أحسن التسديد فهو مرتبط بالسهم الأول وذلك : ببسط الوجه والبشاشة ، وحرارة اللقاء ، وشد الكف على الكف ، وهو أجر وغنيمة فخيرهم الذي يبدأ بالسلام ، قال عمر الندي : (خرجت مع ابن عمر فما لقي صغيراً ولا كبيراً إلا سلم عليه) ، وقال الحسن البصري : (المصافحة تزيد في المودة) ، وقد كان الصحابيان يسيران في الطريق ، فتفرق بينهما شجرة ، فيلتقيان ؛ فيلقي أحدهما على الآخر السلام ، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يقول : (لا تحقرن من المعروف شيئا ، ولو أن تلقى أخاك بوجه طليق) . وفي الموطأ أنه صلى الله عليه وسلم قال : ( تصافحوا ؛ يذهب الغل ، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء) قال ابن عبد البر : هذا يتصل من وجوه حسان كلها.وقد أخطأ من قال : كثرة السلام تقلل المعرفة ، ولكن الصواب : كثرة السلام تزيد المحبة والمودة والتآلف ، إلى غير ذلك من الصفات الحميدة التي تربط القلوب وتزيد محبتها وودها .
الطريق الثالث: الهدية :
الهدية لها تأثير عجيب ، فهي تذهب بالسمع والبصر والقلب ، وما يفعله الناس من تبادل الهدايا في المناسبات وغيرها أمر محمود بل ومندوب إليه على أن لا يكلف نفسه إلا وسعها، قال إبراهيم الزهري : (خرّجت لأبي جائزته فأمرني أن أكتب خاصته وأهل بيته ففعلت ، فقال لي : تذكّر هل بقي أحد أغفلناه ؟ قلت : لا .قال بلى رجل لقيني فسلم علي سلاماً جميلاً صفته كذا وكذا، اكتب له عشرة دنانير) انتهى كلامه.
انظروا أثّر فيه السلام الجميل فأراد أن يرد عليه بهدية ويكافؤه على ذلك.
وقال صلى الله عليه وسلم : تهادوا تحابوا ، فالهدية تزيد المحبة والمودة ، وتزيل الضغائن والشحناء ، وتيسر الأمور ، وتَألف القلوب ، وتترابط الأوصال والعلاقات وتتماسك .
الطريق الرابع: الصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع :
إياك وارتفاع الصوت وكثرة الكلام في المجالس ، وإياك وتسيد المجالس ، وعليك بطيب الكلام ورقة العبارة (فالكلمة الطيبة صدقة) كما في الصحيحين ، ولها تأثير عجيب في كسب القلوب ، والتأثير عليها حتى مع الأعداء ، فضلاً عن إخوانك وبني دينك ، فهذه عائشة - رضي الله عنها - قالت لليهود : ( وعليكم السام واللعنة) أي : ( الموت ) ، فقال لها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (مهلاً يا عائشة ، فإن الله يحب الرفق في الأمر كله) متفق عليه ، وعن أنس- رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : (عليك بحسن الخلق وطول الصمت ، فوالذي نفسي بيده ما تجمل الخلائق بمثلهما) . أخرجه أبو يعلى والبزار وغيرهما .فكن مستمعا أكثر ولا تكن متكلما كثيرا ، فذلات اللسان لاعلاج لها ، وتزيد الضغينة وتكسر القلوب ، فالكلمة تخرج من اللسان لايدري قائلها أين ذهبت ومن أصابت ، وربما تودي بقائلها إلى الهلاك ، وربما ترفع منزلته ، وتزيد مكانته بين الناس ، فاحذر أشد الحذر من لسانك ، فإذا كان الكلام من فضة ، فالسكوت من ذهب ؛ وذلك لأهمية السكوت والصمت ونتائجه المذهلة ، التي تساعد صاحبها على كسب القلوب ومحبتها .
تعليقات: 0
إرسال تعليق