مقومات الحياة الزوجية ( 1 )
إن من أسرار السعادة بين الزوجين ومن مقومات العلاقة الزوجية بالاضافة إلى ماسبق من منشورات لنا : هو أن يكون هناك توليفة جميلة من بعض الأمور التي تختلط وتتداخل مع بعضها مثل الطبخة اللذيذة التي من أهم مكوناتها : تفاهم بين الزوجين ، وكذلك يجب أن يكون هناك نوع من تكبير الدماغ مع الصبر والتسامح ، وأن يكون التفاؤل هو سمت الحياة ، ويكون الزوجان متعاونين متشاركين في أمور حياتهم صغيرة كانت أو كبيرة .وأن يكون الصدق بينهما هو السبيل الوحيد للتعامل ، لاكذب ولاخداع ، مع وجود شيء من التغيير المستمر ؛ لتتجدد العلاقة ، مع رشة روماسية ؛ تعطي طعما للحياة وحبا ، وأهم من ذلك الابتعاد عن الناس قدر المستطاع وخاصة في الأمور الشخصية ، وبذلك تكون الحياة الزوجية جاهزة على الدوام للتجدد والاستمرار .
تعالوا معا نتناولمقومات الحياة الزوجية السعيدة وتلك المقادير وكيفية عمل تلك التولييفة .
![]() |
https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/1_8.html |
تنويه إذا تحدثت بصيفة المفرد المذكر فالكلام ليس للرجل فقط بل للطرفين ( أي الرجل والمرأة ) .
أولا : المقادير :
من مقومات العلاقة الزوجية الناجحة هي أن نحضِّر بعض التفاهم ، ومقدار كبير جدا من تكبير الدماغ ، مع كوبين من التسامح والصبر ، وقليل من التفاؤل ، وملعقتين كبيرتين من التعاون والمشاركة ، مع فصين من الصدق ، وفنجان من التغيير ، ورشة رومانسية ، ثم كوب كبير من الحفاظ على الأسرار البيتية والبعد عن الناس قدر المستطاع خاصة في الأمور الشخصية .
ثانيا : التجهيز :
1- التفاهم :
من مقومات النجاح في الحياة الزوجية يجب أن يكون الزوجان متفاهمين ومتفقين على كثير من الأمور المعيشية الخاصة والعامة ، كأن يجلسان معا في بداية حياتهما الزوجية ويعقدان اتفاقا بينهما على التفاهم وأن يعبر كل منهما عما يريد بقدر من التقدير والاحترام ، والبعد عن التشدد والتعصب في القول والفعل .ومن يكره خلقا في الآخر يخبره به وعلى الآخر أن يتقبل ذلك ، وتقبل النقد البناء ، ومحاولة التعديل في السلوك السيء مع اكتساب الخلق والسلوك الحسن ، وأن يبذل كل منهما الجهد في إسعاد الآخر قدر المستطاع ، وعدم تكليف الآخر بما لايطيق من القول أو الفعل .
ومراعاة ظروف الآخر ، والبعد كل البعد عن الحوار الذي ينتهي بطريق مسدود ، ومعرفة وقت الانسحاب من الحوار إذا وجد أنه غير مجد وقد يسبب المشاكل ، أو يزيد الأمور صعوبة ، وتكون السلاسة في القول والفعل والتساهل وعدم التشدد ، والأخذ بالرأي الصواب ، ورأيي خطأ يحتمل الصواب ، يجب أن يتصف بها كلا الطرفين ، لتدوم العشرة والمحبة والوئام .
2- تكبير الدماغ :
إن تكبير الدماغ أو ( التطنيش ) كما يقولون لأمر هام جدا ؛ لأنك بذلك تتغاضى عن الكثير ، وتسمح للمركب أن تسير في وسط الأمواج العاتية التي ستواجهكم في حياتكم الزوجية ، فأنت إن استمعت للأمواج وسمحت لها أن تتغلب على المركب فستغرق المركب بمن فيها وإن هزمت تلك الأمواج نجوتم جميعا ، فتكبير الدماغ عن الزلات والتفاهات أمر لايخرج إلا من حكيم ، ولاتعلق على كل كبيرة وصغيرة ، فأثن على الجميل ، وحاول ألا تذكر القبيح ، واجعل كل همك هو أن تعيش في سلام مع النفس .ودائما انظر إلى الجزء الممتلئ من الكوب ، واسمع كأنك لم تسمع ، وماتراه لاتحكم عليه فورا ، دع لنفسك وقتا للتفكر فيه ، لعلك رأيته من زاوية مختلفة أو زاوية رؤيا خاطئة ، قتندم بعد ذلك ، فكبر رأسك وعقلك عن توافه الأمور ، ووازن نفسك في كبيرها ، لتنج بمركبك من الغرق ، فأنت القبطان ، والمرأة مساعد القبطان ، كل منكما له دوره ونصيبه ، ففعل الأدوار ، ووزع الأنصبة والأعمال على الجميع .
3- التسامح والصبر :
ومن أهم مقومات الحياة الزوجية أن يكون عندك تسامح مع نفسك ، وصبر على كثير من الأمور والأفعال التي ستراها وستواجهها ، وليكن العفو والتسامح من صفاتك المحمودة ، ولايعني ذلك أن تترك المركب لتغرق ، بل قوِّم وعدِّل قدر استطاعتك ، فإذا أخطأ الطرف الآخر في أمر ، تحدث معه فيه وأخبره به ، ثم سامحه ، وتذكر أنه أخطأ عن غير عمد أو عن عمد ، فهل ستقتله لخطئه أم ماذا ؟!! ، ففي النهاية ، لامفر من التسامح والتغافل ، واصبر على قلة الخبرة أوعدمها وخاصة في مقتبل حياتكم .واصبر على زوجتك حتى تتعلم وتفهم وتعلم ، ولا تكن عجولا عليها ، فقد انتقلت من بيت أبيها إلى بيتك ، من بيت كانت فيه مدللة غير مسؤولة إلا عن نفسها إلى بيت صارت فيه مسؤولة عنه وعن أشخاص آخرين ، عيشا معا في سلام وتسامح ، اعف عنها ولتعف عنك ، واعلما أن بينكما ميثاق غليظ ، فتمسكا به ، ولاتقطعا حبل الود بينكما بالجزع ، والعقاب على كل كبيرة وصغيرة ، واجعل آخر وسيلة تلجأ إليها فلتكن العقاب ، وليكن كما حدده الشرع ، لاضرر ولا ضرار . وأنصحك ألا تتخذه وسيلة حتى لاتعتاد عليه فتخسر كثيرا .
4- التفاؤل :
تفاءلوا بالخير تجدوه ، وبشروا ولا تنفروا ، وليكن عندكم حسن ظن بالله ،فمهما كانت المشاكل كبيرة أوصغيرة ، أو كانت المصائب قوية أو ضعيفة فلها حل ومخرج وفرج من الله عز وجل ، فلكل ليل نهار ، ولكل ظلام نور ، ومهما اشتدت الصعاب تيقن بفرج الله ، ولتكن متفائلا ، واملأ قلبك باليقين والأمل في الغد ، وأن الذي خلقك لن يتركك ولن يضيعك ، فأنت لم تأت إلى الدنيا بتلك المشاكل ، وأنت لن تأخذها معك ولن تعيش فيها مدى الحياة .اجعل التفاؤل طبعا فيك ، وعش هادئ البال ، وأرح نفسك من الهموم لأنك إن تركتها عاشت معك ، وحولت حياتك إلى جحيم ، وحاول ألاتنقل مشاكل العمل إلى البيت ، اجعل بيتك كأنه صالة استجمام وحمام بخار ، تعود إليه لتستجم فيه وتسترخي من عناء العمل وتعب يوم طويل ، تفاءل بزوجتك وأولادك وعملك ، تفاءل بمايراه غيرك شؤما ، تفاءل بالسعادة تجد السعادة ، تفاءل بالحب تجد الحب، تفاءل بالخير تجد الخير .
اجعل من حولك يتفاءل معك ولا تجعل تشاؤمه يؤثر عليك ، كن أنت المؤثر عليهم اجعلهم يتصفون بصفاتك ، لاتتصف بصفاتهم المتشائمة ، ابتسم دائما ، واضحك في كل وقت وحين ، تدوم عليك السعادة والهدوء . وأدخل الفرح والسرور على أهلك وعلى قلبها ، وأحسن استقبالها حين عودتها ، أنشروا السعادة بينكم ؛ تنعموا بها
5- التعاون والمشاركة :
يد وحدها لاتصفق ، والإنسان لايعيش وحده ، ولن يستطيع مواجهة الحياة ومشاكلها وهمومها وحده ، يجب أن يكون هناك من يعينك ويساعدك ، ويحمل معك تلك المشاكل والهموم ، يتعاون معك ليخفف عنك الأعباء والهموم ، يتعاون عنك في نشر الهدوء ةالسكينة ، يتعاون معك في تلبية احتياجاتك الخاصة والعامة ، يعينك ويعاونك ، يوجه إليك النصح ويوجهك للخير ، يعينك على الخير ، ويبعدك عن الشر ، يعينك على الحلال ويبعدك عن الحرام .
وهذا من مقومات النجاح والاستقرار في الحياة الأسرية ، ومن سيكون غير شخص يكون شريكا لك في كل شي ء أقرب إليك من نفسك ، جعله الله لك نصفا آخر يعينك ويقف معك ويواجه معك الحياة حلوها ومرها ، فالتعاون يكون في كل أمور حياتكما ، حتى في المنزل ومشاركة أعمال المنزل ، لما سئلت عائشة عن النبي – صلى الله عليه وسلم – في عمله في البيت فقالت : " كان بشرا من البشر ؛ يفلي ثوبه ، ويحلب شاته ، ويخدم نفسه " رواه شعيب الأرناؤوط في تخريج المسند . وقالت عائشة : " كان يكون في مهنة أهله ، ( أي خدمة أهله ) ، فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة " ، رواه البخاري .
فمساعدة الرجل لزوجته ليس عيبا فيه ، فأنت لن تكون أفضل من خير البشر في ذلك ، والتعاون على نوائب الحياة والصبر عليها معا ، يزيد القلوب مودة ومحبة ، فالمرأة الصالحة هي التي تكون عونا لزوجها وسندا له ، ودافعا له ليخوض معركة الحياة دون ملل أو يأس ، بل يفعل ذلك وهو سعيد متفائل ؛ فوراء كل رجل عظيم امرأة تدفعه وتعينه وتعاونه .
تعليقات: 0
إرسال تعليق