-->

متابعة

كيف تكون محبوبا 

اللقاء الثاني ( 2 )

تكلمنا في اللقاء الأول  هنـــــــــــــــــا عن خمسة طرق لكسب القلوب وكسب محبتها ، وأن بعض هذه الطرق بسيطة وسهلة التنفيذ ؛ لتكون محبوبا ، منها : الابتسامة ، والبدء بالسلام ، والهدية ، والصمت وقلة الكلام إلا فيما ينفع ، وحسن الاستماع وأدب الإنصات .
ونكمل اليوم معا تكملة الطرق في كيف تكون محبوبا عند الله وعند الناس الجزء الثاني .
https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/2.html

الطريق السادس: الطبع الحسن والخلق الطيب وجمال المظهر :

إن الطبع الحسن والخلق الطيب وجمال المظهر وجمال الشكل واللباس وطيب الرائحة من الصفات التي ترقق القلوب ، وتحبب صاحبها إلى الناس ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم -  يقول  : ( إن الله جميل يحب الجمال ) رواه مسلم . وعمر بن الخطاب يقول : (إنه ليعجبني الشاب الناسك  نظيف الثوب طيب الريح) ، وقال عبد الله بن أحمد ابن حنبل : ( إني ما رأيت أحداً أنظف ثوبا و لا أشد تعهدا لنفسه وشاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبا وأشده بياضا من أحمد ابن حنبل).والنظافة والجمال والاهتمام بالمظر مطلب شرعي .
وهذا موقف حدث في عهد الرسول الكريم (  فيما معناه  ).
 فقد جاءت امرأة إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - تطلب الطلاق من زوجها ؛ لدماثة شكله وسوء مظهره وعدم اهتمامه بمظهره ، فتستحي منه بين الرجال .
فدعاه النبي ، فأتاه الرجل ، فلما رأي النبي - صلى الله عليه وسلم - مابه من سوء المظهر وعدم اهتمامه بنظافته ، قال له : اذهب واغتسل ثم ائتنا .
فذهب الرجل واغتسل وتطيب ثم عاد ، فلما رأته زوجته دُهشت عندما رأته ، وانبهرت به وقالت : أهذا زوجي ؟!!!! لقد تغير تماما ، فقال له النبي _ صلى الله عليه وسلم - هكذا فكن . أي : ( اهتمامك بمظهرك ونظافتك الشخصية ) ، وانصرف مع زوجته .
أرأيت كيف تغير قلب المرأة نحو زوجها بمجرد اهتمامه بسمته ومظهره .

الطريق السابع: بذل المعروف وقضاء حوائج الناس :

وسيلة وسبيل  تملك به القلوب وله تأثير عجيب  .
 فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " كل سُلامى من الناس عليه صدقة ، كل يوم تطلع فيه الشمس تعدل بين اثنين صدقة ، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها ، أو ترفع له عليها متاعه صدقة ، والكلمة الطيبة صدقة ، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة ، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة " . متفق عليه .
فنجد في هذا الحديث أن : العدل بين الناس والإصلاح بين المتخاصمين ، ومساعدة الناس في قضاء حوائجهم ومساعدتهم فيها ، والكلمة الطيبة ، والسعي إلى الصلاة ، وإماطة الأذى عن الطريق ، كلها أمور يحبها الله - عز وجل - ويحبها الناس في الشخص الذي يفعلها ، فتألف القلوب وتطيب الذكرى وتكسب محبه الله والناس .
وصوره الشاعر ذلك بقوله :
أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم …….. فطالما استعبد الإنسانَ إحسانُ
بل تملك به محبة الله عز وجل كما قال صلى الله عليه وسلم (أحبُ الناس إلى الله أنفعهم للناس) ، والله عز وجل يقول ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين).
والسعي في قضاء حوائج الناس ومساعدتهم أحب إلى الله من المكوث في المسجد للعبادة . أي شرف هذا يناله من يسعى في قضاء حوائج الناس .

الطريق الثامن: إنفاق المال  وكثرةالعطاء :

فالعطاء وبذل المال من أجل إرضاء الله عز وجل متاح للقلوب ومفتاح للطرق المسدودة  ، إن لكل قلب مفتاح، والمال مفتاح لكثير من القلوب خاصة في مثل هذا الزمان .والرسول صلى الله عليه وسلم يقول (إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلى منه خشية أن يكبه الله في النار) صحيح البخاري ، وكان - صلى الله عليه وسلم- يعطي من لايخشى الفقر .
فإنفاق المال للمحتاجين ومساعدتهم يكسب حب الناس ويكسب قلوبهم ويستميلهم نحوه ؛ لما للمال من سحر يجذب الناس ، فالناس فُطرت على حب المال . قال تعالى : " المال والبنون زينة الحياة الدنيا " وقال تعالى : " والذين ينفقون أموالهم ابتغاء مرضات الله " فالهدف هو رضا الله ومن رضي الله عنه ؛ رضي عنه الناس جميعا ، فمن أحبه الله ؛ أحبه الناس .
وليكن عطاءك خالصا لوجه الله  - عز وجل - لارياء فيه ولا سمعة ، حتى تحصل الأجر الذي تتمناه وتريده .

الطريق التاسع: حسن الظن بالناس والاعتذار إذا أسأت لهم  :

فما وجدت طريقا أيسر وأفضل للوصول إلى القلوب منه، فأحسن الظن بمن حولك وإياك وسوء الظن بهم ، فأحسن الظن ولو لم تكن متأكدا ، ولا تتبع سوء الظن ولو كنت واثقا ومتأكدا ، فأحسن الظن بالناس وألا تجعل عينيك مرصداً لحركاتهم وسكناتهم، فتحلل بعقلك التصرفات ويذهب بك كل مذهب، وحسن الظن من الإيمان ، فمثلا : إذا رأيت أحدا يسير وامرأة ، فليكن ظنك أنها إما زوجته أو بنته أو إحدى أقاربه ، وإن طلبت من أحدهم أمرا فلم ينفه ، فليكن عذرك عدم مقدرته أو حدث طارئ منعه من ذلك ،......وهكذا في جميع أحوالك .
فالتمس لأخيك الأعذار ، وابتكر الأعذار إن لم تجدها ، حتى تسلم فطرتك وطبيعتك ؛ فيحبك الناس ويتوددون إليك ، ويثقون بك ويأمنون جيرتك ، ويأمنوك على أسرارهم وأمورهم .
  واسمع لقول المتنبي :
إذا ساء فعل المرءِ ساءت ظنونه …… وصدق ما يعتاده من توهم .
عود نفسك على الاعتذار لإخوانك إذا اسأت لهم أو بهم ، فقد قال ابن المبارك  : ( المؤمن يطلب معاذير إخوانه، والمنافق يطلب عثراتهم ).واعلم أن ظاهرك يعبر عن سريرتك ؛ فاللص يعتقد أن الناس كلهم لصوص ، والكاذب يعتقد أن الناس كلهم كاذبون .فأصلح سريرتك يصلح ظاهرك ، ولا تكن منافقا ؛ ظاهرك بخلاف باطنك .

الطريق العاشر: أعلن المحبة والمودة للآخرين :

أحبب الناس يحبوك ، واحترمهم يحترموك ، فإذا أحببت أحداً أو كانت له منزلة خاصة في نفسك فأخبره بذلك فإنه سهم يصيب القلب ويأسر النفس .
ولذلك قال صلى الله عليه وسلم :  ( إذا أحب أحدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره أنه يحبه)  ، صحيح الجامع، (فإنه أبقى في الألفة وأثبت في المودة) .
 كن محبا لهم دون غرض في نفسك ، ولا تكن ودودا معهم لمصلحة ، فإن انتهت المصلحة تبدل حالك ، فلا تكن صاحب مصلحة مع الناس ، كن محبا لهم في الله . أي لتكن محبتك للناس جميعا لكن بشرط :  أن تكون المحبة لله ، وليس لغرض من أغراض الدنيا كالمنصب والمال، والشهرة والوسامة والجمال، فكل أخوة لغير الله هباء، وهي يوم القيامة عداء (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) .
أخبر من تحب بحبك له ، وأخبره بذلك ليزداد القلب ألفة ومحبة ، قال تعالى : " وألف بين قلوبهم لو أنفت مافي الأرض جميعا ما الفت بينهم " . فتأليف القلوب من الله ، وذلك توفيق أيما توفيق ، فلا تحكم على الناس بمظاهرهم واحكم بينهم بقلوبهم .

الطريق الحادي عشر:  المداراة :

ألق أخاك بوجه طلق محبا ودودا ولو كان في نفسك حاجة نحوة ، فتبسمك في وجه أخيك صدقة .
 فهل تحسن فن المداراة ؟ وهل تعرف الفرق بين المداراة والمداهنة ؟
روى البخاري في صحيحه من حديث عائشة - رضي الله تعالى عنها -  ( أن رجلا استأذن على النبي  - صلى الله عليه وسلم -  فلما رآه قال : بئس أخو العشيرة ، فلما جلس تطلق النبي -  صلى الله عليه وسلم  - في وجهه وانبسط إليه ، فلما انطلق الرجل ، قالت له عائشة : يا رسول الله  ، حين رأيت الرجل  قلت  : كذا وكذا ، ثم تطلقت في وجهه وانبسطت إليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : يا عائشة متى عهدتني فاحشاً ؟  ، إن شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة من تركه الناس لقاء فحشه) ،  قال ابن حجر في الفتح (وهذا الحديث أصل في المداراة ) ، والمداهنة عكس ذلك .
أحسن استقبال الناس ، وقالوا في الأمثال : ( لاقيني ولا تغديني ) ، اي : أحسن مقابلتي ولا تقدم لي طعام الغذاء ، فحسن مقابلة الناس ومداراتهم ربما تصلح من أحواله وتعيد نفوسهم إلى مسارها الصحيح .

انتهى .


تمت بحمد الله تعالى
إن أعجبتكم المدونة واستفدتم منها فلا تبخل علينا بنشرها ومشاركتها مع أصدقائك لتعم الفائدة .

Mr Hamoud


Mr Hamoud
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع Mr Hamoud .

جديد قسم : معلومات ثقافية