-->

متابعة

مَنْ يَضْمَن لي ؟

الله هو الضامِن لك .

الله سبحانه وتعالى خلق المخلوقات كلها إنسها وجنها طيرها وحيوانها ما نراه من مخلوقات ومالانراه ، ووزع عليهم جميعا أرزاقهم ، كل يوم يحصل كل مخلوق على رزقه من غير أن ينساه الله ، بلا تأخير ولا تعجيل ، فالكل يسعى في الأرض ويأكل منها بقدر من الله - عز وجل - ولكن هناك من بغى في الأرض وأفسد فيها واعتبر نفسه هو من يرزق العباد ويتحكم في أرزاقهم .
فالحمد لله الذي جعل رزقنا بيده لابيد العباد .


* قال تعالى : " وفي السماء رزقكم وما توعدون " سورة الذاريات ،
وقال تعالى : " وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها "  سورة الأنعام .
وقال تعالى : " فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور " . سورة الملك .
وقال تعالى :  " فلوبسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض * ولكن ينزل بقدر مايشاء إنه بعباده خبير بصير " سورة الشورى .

فالرزق كتبه الله لنا ونحن في بطون أمهاتنا ، وقد ضمن الله الرزق لعباده ، قال حسن البصري :  ( وعلمت أن رزقي لن يأخذه غيري فاطمأن قلبي ) .


https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/blog-post_10.html

ذكر الصفوري في ( نزهة المجالس ومنتخب النفائس ) :

أن سيدنا سليمان جاء بنملة وسألها : كم رزقك في السنة ؟
قالت : حبة حنطة ( قمح )  ، فحبسها قي قارورة  ( زجاجة ) ، ووضع معها حبة حنطة ،  ثم رجع إليها بعد سنة ، فوجدها أكلت نصف الحبة .
فسألها عن سبب ذلك  ( أي أنت أخبرتني أنك تأكلين حبة كاملة كل سنة ، وأنت الآن أكلت نصف حبة فقط ، فلم فعلت ذلك ؟ )  : فقالت : كنت آكل حبة كاملة في السنة عندما كان رزقي على الله  قبل أن تحبسني ،  فلما كان رزقي عليك بعد الحبس خشيت أن تنساني ؛ فأكلت نصف الحبة وادخرت النصف الآخر للعام القادم .

رزقك مضمون من الله :

قال الله تعالى في الحديث القدسي : " يابن آدم لاتخش  من ضيق الرزق فخزائني ملآنه ، وخزائني لا  تنفد أبدا  ، يابن آدم خلقتك للعبادة فلا تلعب ، وضمنت لك رزقك فلا تتعب ( أي لاتتعب بقلبك ، ولكن أتعب جوارحك واعمل وخذ بالأسباب ، ودع القلوب تتوكل على الله ) فوعزتي وجلالي إن رضيت بما قسمته لك أرحت قلبك وبدنك وكنت عندي محمودا ، وإن أنت لم ترض بما قسمته لك ، فوعزتي وجلالي لأسلطن عليك الدنيا ،تركض فيها ركض الوحوش في البرية ، ثم لايكون لك منها إلا ما قسمته لك ، يابن آدم خلقت السموات والأرض ولم أعيي بخلقهن ، أيعيني رغيف عيش أسوقه لك ، يابن آدم لاتسألني رزق غد كما لم أطلب منك عمل غد ،  يابن آدم أنا لك محب ، فبحقي عليك كن لي محبا . "

الرزق مضمون وستأخذه كاملا مكملا ، ولن تموت إلا وأنت مستوفٍ رزقك كاملا ، فأحسن الظن بالله – عز وجل – وعش حياتك في سكينة واطمئنان .
فارض بما قسمه الله لك ، ولاتجزع ولاتتذمر ، وقلل الشكوى ، فأنت أفضل من غيرك ، انظر إلى من هم دونك ستجد نفسك أغني الأغنياء ، ولاتنظر إلى من هم أغنى منك (  أقصد مالا ) ؛ فتتعب وتتعب من معك .
فأنت تنام مطمئنا مرتاح البال إذا ضمن أحد الناس شيئا لك ، فكيف بك وأن الذي يضمن لك الرزق هو رب الناس ورب العباد والرزاق ذو القوة المتين ، فأرح قلبك ولاتتعب  واعمل بجد ولاتتواكل وتوكل على الله ؛ فالله لايضيع أجر من أحسن عملا .

التوكل على الله من أسباب جلب الرزق :

واعلم أن رزقك هو الذي يجري وراءك ، فأنت لم تجر وراء الرزق ، فالله يسوقه لك ولكن بشرط أن تأخذ بالأسباب وتعمل وتسعى في طلبه .
قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم –  : " لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا وتروح بطانا "  ، رواه الترمذي .

فمن يخرج من بيته متوكلا على الله ، متيقنا من رزق الله ؛ عاد وقد جبره الله ورزقه من حيث لايحتسب .
وقال تعالى : " ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لايحتسب " سورة الطلاق .
ولكن للأسف نجد من يجلس في بيته لايسعى على الرزق متواكلا بحجة أن الله سيرزقه وأن الله ضامن له رزقه  ، فأقول لهذا وغيره : ليس هذا توكلا بل هو تواكل ، وقد نهى ديننا عن التواكل  ودعاك إلى التوكل والسعي والعمل لتحصل وتحقق ماتريد .

الرزق ليس مالا فقط :

ولكننا نجد في هذه الأيام من يقصر الرزق على المال فقط ، فهذه نظرة ضيقة غير منصفة ، فالرزق ليس مقتصرا على المال فقط ، فالزوجة الصالحة رزق ، والولد الصالح رزق ، والصحة رزق ، وبركة العيال رزق ، وبر الأبناء رزق ، والطعام الطيب رزق ، وراحة البال رزق ، والابتسامة من القلب رزق ، والنوم قرير العين رزق ، وأن تبيت وليس عليك دين لأحد رزق ، وأن تعيش في بيت آمن رزق ...... وهكذا عدد ولاحرج . قال تعالى : " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها " .سورة النحل .

الناس كلهم متساوون في الرزق :

وفي مشهد تمثيلي  في فيلم أعجبني  : قال أحدهم لصاحبه : الرزق واحد ولا أحد يزيد رزقه أو ينقص عن رزق غيره .  ولكن كيف ذلك ؟
قال تعالى : " وإن تعدوا نعمة الله لاتحصوها " .
 نعم ربنا كثيرة جدا علينا ، ولكننا لاننظر إلا إلى المال ، فهي كلها أرزاق مقسمة بالتساوي بين البشر بعدل وحكمة الله عز وجل .
فكل واحد يحصل على رزقه كاملا ، لاينقص من رزقه شيء ولكن يحصل عليه منوع : فالبعض يحصل عليه : بعض المال وصحة وزوجة صالحة وعيال وراحة بال . وآخر يحصل عليه : بنون ومال وبعض الصحة ...... لكن ليست بالتساوي بين البشر ..... وهكذا .
الشاهد هنا أن كل منا يحصل على رزقه كاملا مكملا ، ولكن نحن نقتصر ذلك على جزء واحد فقط من ملايين الأجزاء ألا وهو المال .
فأغنى أغنياء العالم مات منتحرا لأنه لم يجد السعادة ، والبعض يتمنى أن يضيع كل ماله ، ويعيش لحظة واحدة صحيحا في بدنه .

أنت ملك من ملوك الدنيا :

يقول رسول الله – صلى الله عليه وسلم - : " من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في بدنه ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها " ،  رواه البخاري .
فهذه النعم والحمد لله متوفرة كلها وعندنا الرزق وطعام سنة وأكثر ،وعندنا الأمن الذي نعيش فيه  لانخاف من عدو نأمن على أنفسنا وأبنائنا وفي طرقنا وسفرنا والحمد لله ، وعندنا الصحة والحمد لله المعافاة من الأمراض المزعجة والمقلقة .
فأنت يامن تملك كل تلك النعم فأنت ملك من ملوك الدنيا ، فيجب ان نستقبل يومنا بشكر الله  وبسجدة شكر لله على تلك النعم .

خذ بالأسباب ولا تقنط منرحمة الله :

يجب على الإنسان أن يأخذ بالأسباب ، ولا يقنط من رحمة الله ويعلم أن مارزقه الله إياه فهو له كثيره أو قليله وليحمد الله عليه ، وليكتسب ماله من الحلال ويبتعد عن الحرام ، لتحل البركة من الله ، فمن الناس من يسأل : لدي دخل كبير وأموال كثيرة ولاأشعر ببركة فيها ، فما السبب في ذلك ؟ ، ومنهم من يبارك الله له في القليل ، فأنت مَن فيهم ؟ من أصحاب البركة أم قليل البركة .

 ففي مشهد من فيلم عربي :

 كان ممثل يعمل في كباريه ، وكان الآخر متشددا ( مُغرر به ومُغيب من جماعات إرهاربية ) كان الحوار التالي : سأل الشخص السؤال التالي للرجل الذي يعمل في الكباريه .
مالذي جعلك تعمل في هذا المكان ؟  الذي سيرزقك هنا هو الذي سيرزقك هناك .
قال له : يابني لاتقلب علي المواجع ، كل الحكاية إني أقبض هنا 2000 جنيه في الشهر غير البقشيش والراتب خارج ذلك المكان من 400 إلى 500 جنيه في الشهر وأنا عندي مصاريف كثيرة .
قال الشخص : سبحان الله ، البركة .
قال الرجل : ماذا تعني ؟ وماذا تريد أن تقول ؟
قال الشخص : أنا أحكي لك حكاية ، كان هناك أخان يعملان في نفس المكان ، في شركة واحدة ، أحدهما يتقاضى 2000 جنيه شهريا والآخر يتقاضى 500 جنيه شهريا .
صاحب 500  جنيه  : يستيقظ مبكرا ، يركب الأتوبيس  ، ويقطع تذكرة بنصف جنيه ، ويصل إلى العمل في موعده  .
وصاحب 2000 جنيه : يستيقظ متأخرا ، فيضطر إلى ركوب تاكسي غير السجائر التي ابتلي بها .
صاحب 500  جنيه  : عنده بسم الله ماشاء الله ولد شاطر في المدرسة ، منتبه لدروسه ، وكل عام يكون من الأوائل على المحافظة.
وصاحب 2000 جنيه : عنده ولد مغلبهم ، دروس ومشاكل وكتب خارجية .
صاحب 500  جنيه  : يجد راتبه بسم الله ماشاء الله  فيه بركة و كافيه وحامد الله عليه  ،
وصاحب 2000 جنيه : ينفق كل يوم 70 ، 80 جنيه ، مفيش بركة ، وحاسس إنه دائما ليس عنده شيء .
إنها البركة ، جند من جنود الله الخفي ، التي إن حلت في شيء زادته وكثرته ، وشعرت بها في حياتك  .


* فلو اشتكى أحد أبناء صاحب الدخل الصغير  من صداع في رأسه قد يذهب إلى الصيدلي ويعطيه برشامة صداع فيشفى بإذن الله ويعود صحيحا ،وفي المقابل لو اشتكى أحد أبناء صاحب الدخل الكبير من نفس الصداع لفزع وهرع إلى الطبيب وإلى المستشفى ودفع مبلغا من المال  .
ولو أراد أن يأكل صاحب الدخل الصغير اشترى دجاجة ، وقامت زوجته بطهوها ، فأكلوا منها وشبعوا وربما يفيض منها ، أما صاحب الدخل الكبير، فقد يذهب إلى مطعم  فيدفع مبلغا من المال أو إذا اشترى دجاجا لاتكفيه دجاجة واحدة فيشتري اثنتين ، فأكلوا وشبعوا . ....... وهكذا في باقي أمور الحياة .

اسع على رزقك ، ودع الله يدبر لك :

فلا تتعب نفسك بما ليس لك أو بما عند غيرك ، وأشغل نفسك بما هو لك وبما عندك تكن أسعد الناس .
اعمل واجتهد وابذل الجهد ، ودع من يرزقك يدبر لك أمور حياتك .
فقد فضل الله بعض الناس على بعض في الرزق ؛ لحكمة هو يعلمها  ، قال تعالى : " والله فضل بعضكم على بعض  في الرزق فما الذين فضلوا برادي رزقهم على ماملكت أيمانهم فهم فيه سواء أفبنعمة الله يجحدون " سورة النحل .
والله فضل الناس فجعل بعضهم يملك العبيد وبعضهم عبيدا ، بعضهم ملوك وبعضهم خدم لهؤلاء الملوك ..... وهكذا .

فالله هو الذي خلقك ويعلم مالذي يصلحك وينفعك ، ويعلم مالذي يفسدك ويضرك ، فالإنسان الذي أعطاه الله بسطة في المال فربما يكون ابتلاء له ، أو أن الله يعلم لو نقص ماله لفسد  أو يكون هذا المال غضب من الله عليه ليعيث فسادا في الأرض ..... أو أي شيء آخر غير ذلك لايعلمه إلا الله سبحانه وتعالى !! .
والإنسان الذي لم يعطه الله إلا بقدر  ، فالله الذي خلقه اعلم به ، فربما كان زيادة المال مفسدة له ،وربما كان ابتلاء ليصبر ويجد أجر صبره في الآخرة ..... أو غير ذلك مما لايعلمه إلا الله سبحانه وتعالى !! .

فارض بما قسمه الله لك تكن اسعد الناس .

والله أعلى وأعلم .




   انتهى .


تمت بحمد الله تعالى
إن أعجبتكم المدونة واستفدتم منها فلا تبخلوا علينا بنشرها ومشاركتها مع أصدقائكم لتعم الفائدة .
Mr Hamoud

Mr Hamoud
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع Mr Hamoud .

جديد قسم : خواطر

إرسال تعليق