-->

متابعة

فطنة الأنبياء 

فطنة الأنبياء 

لقد اصطفى الله من الملائكة رسلا ، وفضل بعض الملائكة على بعض ، واصطفى من الناس رسلا ، وفضل بعض الناس على بعض . وجعل الناس مختلفين ورفع بعضهم فوق بعض درجات ، وأعطى كل إنسان فطنة يتعامل بها في حياته ، وقد كان لأنبياء الله النصيب الأكبر من الفطنة ، واختار الله أنبياءه من خير خلقه وفضلهم على كثير ممن خلق تفضيلا .  وسنتحدث اليوم عن نماذج من فطنة بعض الأنبياء و مواقف من حياة الأنبياء ؛  لتكون لنا عبرة وعظة  . قال تعالى : " وفوق كل ذي علم عليم " .

https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/blog-post_17.html

فطنة سيدنا سليمان عليه السلام :

 معرفة سارق الأوز :

عن محمد بن كعب القرظى قال : جاء رجل إلى سليمان النبى عليه السلام  ، فقال : يانبى الله : إن لى جيرانا يسرقون أوزى ، فنادى الصلاة جامعة ثم  خطبهم فقال فى خطبته : أحدكم يسرق أوز جاره ثم يدخل المسجد والريش على  رأسه ، فمسح رجل برأسه ، فقال سليمان : خذوه فإنه صاحبكم . 

فطنة سليمان عليه السلام في قضية الحكم في الحرث التى حكم فيها داود عليه السلام :

 روى عن ابن عباس : أن غنما أفسدت زرعاً بالليل فقضى داود بالغنم لأصحاب الحرث، فقال سليمان: بل تؤخذ الغنم فتدفع إلى أصحاب الزرع فيكون لهم أولادها وألبانها ومنافعها. ويبذر أصحاب الغنم لأهل الزرع مثل زرعهم فيعمروه ويصلحوه. فإذا بلغ الزرع الذى كان عليه ليلة نفشت فيه الغنم أخذه أصحاب الحرث وردوا الغنم إلى أصحابها. وقوله تعالى: " وكلا أتينا حكماً وعلماً " أى: وكل واحد منهما آتيناه حكمة وعلماً كثيراً .
كان رجل في زمن داود عليه السلام  يمتلك أرضا زراعية يجاور رجلا يمتلك غنما  ،  يعيشان بجوار بعضهما البعض ، كل منهم يحرص على مالديه ولايؤذي جاره .
وفي ليلة من الليالي غفل راعى الغنم عن غنمه فذهبت إلى أرض جاره المزروعة وأكلت الزرع الذي فيها .
فاشتكى صاحب الزرع ذلك لنبى الله داود - عليه السلام  - فحكم نبى الله داود - عليه السلام - على صاحب الغنم أن يعطي الغنم لصاحب الزرع ، ( على أساس أن قيمة الغنم تساوي قيمة الزرع ) .
 فتظلم صاحب الغنم إلى سليمان الذي حكم بأن نعطى الغنم لصاحب الزرع فيستفيد بلبنها وأصوافها ، على أن نترك صاحب الغنم يزرع الأرض حتى تثمر وتصبح كما كانت قبل اعتداء الغنم عليها . وعندئذ يأخذ صاحب الغنم غنمه ويأخذ صاحب الأرض أرضه. فكان حكم سليمان هو الأرجح .  

فطنة سيدنا إبراهيم عليه السلام :

فطنة إبراهيم عليه السلام وكشف حقيقة الأصنام لقومه :

بعد أن هجر سيدنا إبراهيم قومه ومايعبدون من دون الله ، قرر ان يظهر لهم الحقيقة بفطنته وذكائه ، فانتهز يوم عيد لهم فلم يذهب معهم بحجة أنه سقيم ( مريض ) ، وذهب إلى المعبد حذرا ؛ أن يراه أحد الناس ، وكان المعبد مهجورا من الناس في ذلك اليوم .
فدخل إبراهيم عليه السلام المعبد ومعه فأس ، واقترب من التماثيل قائلا لهم : ألاتأكلون ؟! ، ألا تنطقون ؟!، ساخرا منهم ، ثم قام بتكسيرهم كلهم ؛ فتحولت إلى حجارة ، وترك أكبر الأصنام فيهم لم يكسره ؛ ليضع عليه الفأس ، ثم انصرف ؛ آملا أن يعود الناس إلى رشدهم .

ولما رجع الناس إلى المعبد ، وجدوا الأصنام ( آلهتهم ) قد حدث لهم ماحدث ، فتساءلوا من فعل هذا بهم ، فتذكروا إبراهيم ، وتذكروا وعده بالكيد لأصنامهم .

فطلب الملك إحضاره أمام الناس ؛ ليسألوه ويحاكموه على فعلته ، وكانت المحاكمة بين الحق وبين الباطل :
وسألوه  : " أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم " ؟ ، فأجاب إبراهيم : " بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون " ، فسخر منهم وأثار في نفوسهم الحيرة من إجابته القاطعة والتي تدل على الفطنة والذكاء في التعامل مع مثل هؤلاء .
فهو يقول لهم : أن هذه التماثيل لم تملك القدرة عن الدفاع عن أنفسها ، ولا تعلم مَن كسَّرها ، فلو كانت آلهة لأجابتكم !، وهل تترك أحدا يضرها ويؤذيها ؟! ، واسألوا كبيرهم هذا لِمَ لَمْ يدافع عنهم ،أو يدفع عنهم الأذى ؟! . 

ويبدو أنهم تأثروا قليلا بقول إبراهيم عليه السلام ، واهتزوا له ، وبدأوا يفكرون في الأمر ، فرجعوا إلى أنفسهم قليلا ،  وتدبروا أمرهم لوهلة من الزمن ، ولكنهم نُكسوا على رؤسهم مرة أخرى  . 
فقد كانت حجة إبراهيم قوية ودامغة في عدم قدرتهم عن الكلام ليخبروهم من فعل هذا ؟!، وعدم قدرتهم عن الدفاع عن أنفسهم وحمايتهم ممن أراد بهم ضرا .
وهكذا انتصر إبراهيم بفطنته على هؤلاء وزعزع عقيدتهم الراسخة لسنوات بأسلوب جميل سهل عملي ، لو تكلم زمنا مااقتنعوا به ولا بقوله .

فطنة إبراهيم عليه السلام مع النمرود :

كان النمرود ملكا قويا بالعراق ، أوتي من الملك والقوة ماجعل الأرض تخضه له ؛ فادعى الألوهية ، وأنه إله للناس وأنه هو الذي يجب أن يعبد لا غيره .
فدخل مع إبراهيم عليه السلام في مناظرة بين الحق والباطل ، محاولا إظهار ضعف حجة إبراهيم وبطلان ماجاء به  للناس ؛ ليقضي عليه ويمنعه من الدعوة إلى الله الواحد الأحد ، فدعا الناس في تكبر وعلو في الأرض ؛ ليشهدوا ذلك .

فقال له : من ربك ؟ ، وماذا يفعل غير الذي أفعله ؟ . 
قال إبراهيم ببساطة وتلقائية : " ربي الذي يحيي ويميت "  .
قال النمرود : " أنا أحيي وأميت " ، فأنا أستطيع أن أحيي شخصا حكمنا عليه بالموت ؛ بعدم تنفيذ الحكم ، وأستطيع أن أحكم على شخص آخر بالموت ؛ فأقتله ويموت .

فطن إبراهيم أنه أمام رجل متكبر لايعرف ماذا يقول ، فكان الرد القاطع ، والسؤال الذي أظهره على حقيقته وأنه واهم فيما يقول ، فكان التعجيز أمام جمهوره وفي أرضه وفي ملعبه على مراااأى ومسمع من قومه .
فقال إبراهيم  : " فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأتِ بها من المغرب فبهت الذي كفر "  ، طلبٌ يسيرٌ على إله ، عسيرٌ على من يدعي الألوهية  ، فبهت وسكت ولم يجد ردا واضحا  يرد به على إبراهيم ؛ ليثبت كذبه ، فكانت الضربة القاضية .

انتصر الله لإبراهيم  ، وبيَّن للناس أنه إله مدع وليس سوى إنسان متكبر مغرور ، فأذله الله - سبحانه وتعالى – بأن أرسل الله إليه بعوضة دخلت في رأسه واستقرت في دماغة ، كان لايستريح إلا بعد أن يضرب بالنعال على رأسه ، وظل هكذا حتى مات . 

فطنة سيدنا يعقوب عليه السلام :

عندما جاء إخوة يوسف يبكون بكاء كاذبا ؛ لأن الذئب أكل أخاهم وهم عنه غافلون ، وهذا يدل على أن البكاء الكاذب ممكن.. ولا يمكن أن يخدع ببكاء العين وحدها.
 فما كان من الأب الذي كان ينتظر مجيء ولده بفارغ الصبر، فقد اهتز وارتجف حين رأى الجمع وليس بينهم يوسف، وسأل عنه مستفسرًا، فقالوا : كنا نتسابق وتركن يوسف عند متاعنا ؛ لصغر سنه ولأنه لا يعرف التسابق ، وانشغلنا عنه ؛ فأكله الذئب  ونحن عنه غافلون ؛ لأنك أخبرتنا من قبل بهذا الاحتمال، وستظن أننا كاذبون .
ومن أجل أن يبرهنوا على صحة كلامهم فلطخوا قميصه بدم كذب ؛ ليس دم يوسف ، إذ لطخوا الثوب بدم غزال أو خروف .
ولكن حيث أن الكاذب لا يمتلك حجة قوية ، وحيث أن آية حقيقة فيها مداخلات مختلفة وحيثيات ومسائل يقل أن تجتمع مرتبة في الكذب، فقد غفل إخوة يوسف عن هذه المسألة الدقيقة... وهي ? على الأقل ? أن يخرقوا قميص يوسف الملطخ بالدم ليدل على هجوم الذئب... فقد قدموا القميص سليما غير مقطع من اثر هجوم الذئب على أخيهم .  فأحس الأب وفطن لمؤامرتهم ، فما إن وقعت عيناه على القميص حتى فهم كل شيء و قال : " بل سولت لكم أنفسكم أمرا "  ، وقال : يا له من ذئب رحيم .
إن يعقوب أخذ قميص يوسف وهو يقلبه وقد فطن يعقوب لما حدث ، ويقول :  ما أرى ناب ولا ظفر إن هذا السبع رحيم ،  وفي رواية إنه أخذ القميص وألقاه على وجهه وبكى حتى خضب وجهه بدم القميص، وقال: تالله ما رأيت كاليوم ذئبًا أحلم من هذا ، أكل ابني ولم يمزق قميصه .

فطنة سيدنا يونس عليه السلام :

قال يوسف بن الحسين سمعت أن ذا النون يعرف اسم الله الأعظم فقلت له : أحب أن تعلمنى إياه فسكت ذو النون ولم يجبنى وتركنى بعد ذلك ستة أشهر ، ثم أخرج لى من بيته طبقا ومكبة ومشدود فى مناديل . وطلب منى أن أؤدى  الطبق إلى فلان . فأخذت الطبق وجعلت أفكر طول الطريق وأنا أمشى ، ذى النون يوجه إلى فلان هدية معى ، ترى أى شيء هى ، فلم أصبر إلى أن بلغت الجسر فحللت المنديل ورفعت المكبة ، فإذا فأرة قفزت من الطبق وفرت . فاغتظت غيظا شديدا ، وقلت : ذو النون يسخر بى  ويوجه مع مثلى فأرة ،  فرجعت ، فلما أن رآنى عرف ما فى وجهى فقال : يا أحمق إنما جربناك ، إئتمنتك على فأرة فخنتنى أفأئتمنك على اسم الله الأعظم ، مر عنى فلا أراك .

فطنة سيدنا عيسى عليه السلام :

ومن المنقول عن عيسى عليه السلام أن إبليس جاء إليه  فقال له : ألست تزعم أنه لا  يصيبك إلا ما كتب الله لك ؟  قال : بلى   . قال : فإرم بنفسك من هذا الجبل فإنه إن قدر لك السلامة تسلم ، فقال له : ياملعون إن لله عز وجل أن يختبر عباده ، وليس للعبد أن يختبر ربه عز وجل .

فطنة سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم :

فطنة النبي - صلى الله عليه وسلم مع من يؤذي جاره :

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال الرجل : يا رسول الله ، إن لي جار لي يؤذيني فقال : "  انطلق وأخرج متاعك إلى الطريق " ، فانطلق فأخرج متاعه  ؛ فاجتمع الناس عليه فقالوا : ما شأنك ؟ ، قال : " لي جار يؤذيني فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال : انطلق وأخرج متاعك إلى الطريق فجعلوا يقولون : اللهم العنه ,اللهم اخزه ,فبلغه فأتاه , فقال : ارجع إلى منزلك فوالله لاأؤذيك ...

فطنة النبي - صلى الله عليه وسلم مع ربه :

وفي تفسير الشعراوي ، قال الإمام :

أن الله تعالى لما رأى حب النبي – صلى الله عليه وسلم - لأمته ، وحرصه على خيرها ، قال يامحمد ، لو شئت جعلت أمر أمتك إليك ، ( مادامت رحمتك هكذا بهم ، افصل أنت بينهم كما تحب ) ، ولننظر إلى فطنة النبي – صلى الله عليه وسلم – أيأخذ أمر أمته إليه ، فمن رحمته بهم ايضا (النبي صلى الله عليه وسلم ) قال : لا يارب ، أنت أرحم بهم مني .
حيثية هذا : أنه أخ للمؤمنين ، ولكن الله رب لهم ، فهل رحمة الأخ تساوي رحمة الرب ؟!. فأنا من الأغيار  ، متغير  ؛ لأني حادث قد أتغير، وكل حادث متغير ، أما أنت فلا تتغير فتظل رحمتك بهم دائمة ،
فقال الله تعالى له : إذن لاأخذيك فيهم أبدا . فالنبي فطن أن الله أرحم بنا منه .

 هذا والله أعلى وأعلم .


انتهى .

تمت بحمد الله تعالى .

إن أعجبتكم المدونة واستفدتم منها فلا تبخلوا علينا بنشرها ومشاركتها مع أصدقائكم لتعم الفائدة . 

Mr Hamoud


Mr Hamoud
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع Mr Hamoud .

جديد قسم : خواطر

إرسال تعليق