فطنة الصحابة وأمراء المسلمين
نماذج من فطنة الصحابة وأمراء المسلمين
من كتاب الأذكياء لابن الجوزي
تحدثنا في لقاء سابق عن نماذج من فطنة الأنبياء في درس فطنة الأنبياء ( هنـــــــــــــــا ) واليوم سيكون لقائنا عن بعض نماذج من فطنة الصحابة رضوان الله عليهم ونماذج من فطنة أمراء المسلمين .
علامات العاقل :
من علامة العاقل أنه يتواضع لمن فوقه ، ولايزدري من دونه ، يمسك الفضل من منطقه ، يخالق الناس بأخلاقهم ، ويحتجر الإيمان فيما بينه وبين ربه – عز وجل – فهو يمشي في الدنيا بالتقية والكتمان .![]() |
https://www.mr-alihamoud.com/2020/07/blog-post_22.html |
فضل العقل :
عن ابن عباس قال : لما خلق الله العقل ، قال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، قال : وعزتي ماخلقت خلقا قط أحسن منك فيك أعطي وبك آخذ وبك أعاقب .وقال لقمان لابنه : يابني اعقل عن الله – عز وحل – فإن أعقل الناس عن الله - عز وجل – أحسنهم عملا ، وإن الشيطان ليفر من العاقل وما يستطيع أن يكابده ، يابني ما عبد الله بشيء أفضل من العقل .
قال داوود عن خليد بن دعلج قال : سمعت معاوية بن قرة يقول : إن القوم ليحجون ويعتمرون ويجاهدون ويصلون ويصومون وما يعطون يوم القيامة إلا على قدر عقولهم .
فطنة الصحابة :
فطنة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه :
سئل العباس أنت أكبر أم النبى صلى الله عليه وسلم فقال : هو أكبر منى وأنا ولدت قبله .أخبر مجاهد قال : بينما رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في أصحابه إذ وجد ريحا ، فقال : ليقم صاحب هذه الريح فليتوضأ ، فاستحيا الرجل ، ثم قال : ليقم صاحب هذه الريح فيتوضأ ؛ فإن الله لايستحيي من الحق ، فقال العباس : إلا نقوم يارسول فليتوضأ فإن الله لا يستحيي من الحق ، فقال العباس إلا نقوم .
فطنة جرير بن عبد الله رضي الله عنه :
وقد جرى مثل تلك القضية في عهد عمر – رضي الله عنه – عن الشعبي أن عمر كان في بيت ومعه جرير بن عبد الله فوجد عمر ريحا فقال : عزمت على صاحب هذه الريح أن قام فتوضأ ، فقال جرير : يا أمير المؤمنين أو يتوضأ القوم جميعا . فقال عمر : رحمك الله ، نعم السيد كنت في الجاهلية ، ونعم السيد أنت في الإسلام .
فطنة معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه :
قال ابن الجوزى : بلغنا أن رجلا جاء إلى حاجب معاوية فقال له قل له على الباب أخوك لأبيك وأمك ، فدخل الحاجب و أخبره فقال له : ما أعرف هذا . ثم قال : ائذن له. فدخل فقال له معاوية : أى الإخوة أنت ؟ فقال : بن آدم وحواء . فقال : ياغلام ‘ أعطه درهما . فقال : تعطى أخاك لأبيك وأمك درهما ؟ ، فقال : لو أعطيت كل أخ لى من آدم وحواء ما بلغ إليك هذا .
فطنة خزيمة بن ثابت رضي الله عنه :
ابتاع النبي – صلى الله عليه وسلم - فرسا من أعرابي ، فاستتبعه ( طلب منه أن يأتي معه أو خلفه ) النبي ليقضيه ثمن الفرس ، فأسرع النبي وأبطأ الأعرابي ، فساومه يعض الرجال على الفرس وهم لايعلمون أن النبي – صلى الله عليه وسلم – ابتاعه ، وزادوا في السوم ( المبلغ ) .
فنادى الأعرابي النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : إن كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته .
فقام النبي – صلى الله عليه وسلم – فقال : أليس قد ابتعته منك ؟ .
قال الأعرابي : لا ، هلم شهيدا يشهد أني قد بايعتك ، فقال الناس : ويلك إن النبي – صلى الله عليه وسلم - لايقول إلا حقا .
حتى جاء خزيمة بن ثابت ، فاستمع لما جرى والأعرابي يقول : هلم شهيدا يشهد أني قد بايعتك .
فقال خزيمة : أنا أشهد أنك قد بايعته ، فأقبل النبي على خزيمة فقال بم تشهد ؟ فقال خزيمه : بتصديقك يارسول الله ، فجعل النبي – صلى الله عليه وسلم – شهادة خزيمة بشهادة رجلين .
فطنة أمراء المسلمين :
هشام بن عبد الملك يؤدب ولده :
عن هشام بن عبد الملك قال لمؤدب ولده : إذا سمعت منه الكلمة العوراء فى المجلس بين جماعة فلا تؤنبه لتخجله ، وعسى أن ينصر خطأه فيكون نصره للخطأ أقبح من ابتدائه به ، ولكن احفظها عليه فإذا خلا فرده عنها .أبو جعفر المنصور يستشير :
قال أبو جعفر المنصور يوما ليزيد بن أبى أسيد : يا يزيد ماترى فى قتل أبى مسلم الخرسانى ( قائد الجيوش التى مكنت للعباسيين من إقامة دولتهم ) .
فقال يزيد : أرى أن تقتله وتقرب إلى الله بدنه .
قال يزيد : فنفر منى نفرة ظننت أنه سيأتى على .فقال يزيد : أرى أن تقتله وتقرب إلى الله بدنه .
ثم قال : قطع الله لسانك وأشمت بك عدوك ؛ تشير على بقتل أنصر الناس لنا وأثقلهم على عدونا ؟ أما والله لولا حفظى لما سلف منك ، وأن أعدها هفوة من هفواتك لضربت عنقك . قم ، لا أقام الله رجليك .
قال : فقمت وقد أظلم بصرى ، فلما كان بعد قتله قال لى : يا يزيد أتذكر يوم شاورتك ؟ قلت : نعم ، قال : فوالله لقد كان ذلك رأيا لا أشك فيه ولكن خشيت أن يظهر منك فتفسد مكيدتى .
فطنة المهدي :
قعد المهدى قعودا عاما للناس فدخل رجل وفى يده نعل ملفوفة فى منديل .فقال : يا أمير المؤمنين هذه نعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أهديتها لك فدفعها إليه ، فقبل المهدى باطنها ووضعها على عينيه ، وأمر للرجل بعشرة آلاف درهم .
فلما انصرف قال لجلسائه : أترون أنى أعلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يرها فضلا عن أن يكون لبسها ؟ !.
ولو كذبناه قال للناس : أتيت أمير المؤمنين بنعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فردها على ؛ وكان من يصدقه أكثر ممن يدفع خبره ، إذ كان من شأن العامة ميلها إلى نصرة الضعيف على القوى وإن كان ظالما .
اشترينا لسانه وقبلنا هديته وصدقنا قوله . ورأينا الذى فعلناه أنجح وأرجح .
فطنة وزير الرشيد :
رأى الرشيد يوما فى داره حزمة خيزران ، فقال لوزيره الفضل بن الربيع : ماهذه ؟ .قال : عروق الرماح ياأمير المؤمنين ، ولم يرد أن يقول عروق الخيزران لموافقته اسم أم الرشيد .(الخيزران : اسم جارية أحبها المهدى وأنجب منها الرشيد الذى صار خليفة بعد أبيه ).
فطنة الفتح بن خاقان وزير المتوكل :
رأى الفتح بن خاقان ( وزير المتوكل ) فى لحية المتوكل شيئا فلم يمسه بيده ، ولا قال له شيئا ، ولكنه نادى : ياغلام مرآة أمير المؤمنين فجيئ بها . فقابل بها وجهه حتى أخذ ذلك الشئ بيده .حصافة أمير :
نزل أمير بقرية فاحتاج إلى المزين ليصلح شعره ، فجاء الأمير وحده إليه وقال : أنا حاجب الأمير الذى نزل بكم فأصلح شعرى ، فإن كنت حاذقا جاء الأمير فأصلحت له شعره . وإنما فعل ذلك لئلا يعلم أنه الأمير فينزعج فيجرحه .فطنة عضد الدولة :
تأهب أحد التجار للحج وبقى معه من ماله ألف دينار لا يحتاج إليها فأراد أن يحفظها ، فرأى شجرة خروع فحفر تحتها ودفنها ولم يره أحد ، ثم ذهب للحج وعاد .وحفر المكان ليستخرج ماله الذى دفنه فلم يجد شيئا ، فجعل يبكى ويلطم وجهه ، ويقول : الأرض سرقت مالى ، فقيل له : اذهب إلى عضد الدولة .
فقال : أويعلم الغيب قيل له : إن له فطنة .
فذهب إليه وأخبره بقصته فجمع الأطباء وقال لهم : هل داويتم فى هذه السنة أحدا بعروق الخروع ؟ فقال أحدهم : أنا داويت فلانا وهو من خواصك . فقال على به فجاء .
فقال له : هل تداويت فى هذه السنة بعروق الخروع ؟ قال : نعم . قال : من جاءك به ؟ قال : فلان الفراش . قال على به .
فلما جيء به أمره أن يذهب مع الرجل ليره المكان فذهب معه بصاحب المال إلى تلك الشجرة التى أخذ منها فقال صاحب المال ههنا والله تركت مالى ، فرجع إلى عضد الدولة فأخبره ، فقال للفراش : هلم بالمال ، فتلكأ فأوعده فأحضر المال .
تعليقات: 0
إرسال تعليق