-->

متابعة

الإنسان العجول المكابد ظالم أم مظلوم ؟!

 الإنسان العجول  المكابد

 ظالم أم مظلوم ؟!

خلق الله الإنس والجن لعبادته ولحكمة لا يعلمها إلا هو ، ولكن كان الإنسان عجولا متسرعا ، عجولا في طلباته متسرعا في حكمه : فظلم نفسه وأهلكها ، وأوردها النار .


الإنسان العجول المكابد ظالم أم مظلوم ؟!

الإنسان العجول :

قال تعالى : ( خُلق الإنسان من عجل ) سورة الأنبياء  ، كما قال في آية  أخرى : ( وكان الإنسان عجولا ) سورة الإسراء  .
قال سعيد بن جبير والسدي : لما دخلت الروح في رأس آدم وعينه نظر إلى ثمار الجنة فلما دخلت جوفه اشتهى الطعام ، فوثب قبل أن تبلغ الروح إلى رجليه عجلا إلى ثمار الجنة ، فوقع فقيل : " خلق الإنسان من عجل " ، والمراد بالإنسان آدم وأورث أولاده العجلة ، والعرب تقول للذي يكثر منه الشيء : خلقت منه ، كما تقول العرب : خلقت في لعب ، وخلقت من غضب ، يراد المبالغة في وصفه بذلك ، يدل على هذا قوله تعالى : " وكان الإنسان عجولا " .

قال مجاهد : خلق الله آدم بعد كل شيء من آخر النهار ، من يوم خلق الخلائق فلما أحيا الروح عينيه ولسانه ورأسه ، ولم يبلغ أسفله قال : يا رب ، استعجل بخلقي قبل غروب الشمس ( أي غروب شمس يوم الجمعة  يوم خلق آدم )  .
والحكمة في ذكر عجلة الإنسان هاهنا أنه لما ذكر المستهزئين بالرسول عليه الصلاة والسلام ، وقع في النفوس سرعة الانتقام منهم واستعجلت ، فقال الله تعالى : ( خلق الإنسان من عجل ) ; لأنه تعالى يملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته ، يؤجل ثم يعجل ، وينظر ثم لا يؤخر; ولهذا قال : ( سأوريكم آياتي ) أي : نقمي وحكمي واقتداري على من عصاني ، ( فلا تستعجلون ) .

في العجلة الندامة :

قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " التأني من الله والعجلة من الشيطان " رواه البيهقي .
فتعجل المور يكون وسوسة من الشيطان ،فهي تمنع التثبت من الأمور والنظر في عواقبها ، وقالوا : إن في العجلة الندامة وفي التأني السلامة .
وقد يدعو الإنسان ويلح في طلب ما وهو لايعلم أن في التأخير وعدم الاستجابة خير له ، وأن في الإجابة مضرة له .
وقد نتعجل في اتخاذ بعض القرارات والأمور ، ثم يتبين لنا مضارها وخطأ تعجلنا فيها ،فمن يتعجل في أموره ولا ينظر غلى عواقبها ، فلا يوفق في شيء منها ، لذا لاتتعجل وكن متأنيا وفكر قبل أي شيء .
راجع نفسك وأمورك قبل اتخاذ اي قرار ، كن مؤمنا بقضاء الله وقدره ، وأن كل ما يحدث لك هو مقدر . وعود نفسك على التأني تجد السلامة بإذن الله .

قصة معبرةعن عجلة الإنسان :

في يوم من الأيام، وقف رجل يراقب -ولعدة ساعات- فراشة صغيرة داخل شرنقتها التي بدأت بالانفراج قليلا قليلا، وهي تحاول جاهدة الخروج من ذلك الثقب الصغير في شرنقتها
وفجأة سكنت! وبدت وكأنها غير قادرة على الاستمرار!
ظن الرجل بأن قواها قد استنفذت للخروج من ذلك الثقب الصغير أو حتى توسعته قليلا.
ثم توقفت تماما !!!
شعر الرجل بالعطف عليها وقرر مساعدتها فأحضر مقصا صغيرا وقص بقية الشرنقة.
عندها سقطت الفراشة بسهولة من شرنقتها،  ولكن بجسم نحيل ضعيف وأجنحة ذابلة!
ظل الرجل يراقبها معتقدا بأن أجنحتها لن تلبث أن تقوى وتكبر  ، وأن جسمها النحيل سيقوى ، وستصبح قادرة على الطيران
لكن شيئا من ذلك لم يحدث !
وقضت الفراشة بقية حياتها بجسم ضعيف وأجنحة ذابلة ، لم تستطع الطيران أبدا  أبدا ...
ما الذي فعله لطف وحنان ذلك الرجل؟
ألم يعلم بأن قدرة الله عز وجل ورحمته بالفراشة جعل الانتظار لها سببا لخروج سوائل من جسمها إلى أجنحتها ؛ حتى تقوى وتستطيع الطيران ؟! .
أحيانا نحتاج إلى الصراع في حياتنا اليومية ! .
وإذا ما قدر الله لنا الحياة بلا مصاعب ، فسنعيش مقعدين كسيحين  ، وربما لن نقوى على مواجهة تحديات الحياة ، ولما استطاعت الفراشة الطيران .

الإنسان الظالم لنفسه :

 نحن نعلم أن الإنسان قد يظلم غيره ، أما أن يضلم نفسه ، فهذا أمر غريب ! ، لأنها نفسه التي بين جنبيه فكيف له أن يظلمها ؟! .
قالوا : إن النفس إذا أعطيتها شهوتها حرمتها من مشتهيات أخرى ، إذا فقد ظلمتها وحرمتها ولم تعطها باقي الشهوات ، فالنفس تشتهي ، والوجدان يردع تلك النفس بالفطرة .
لذلك قالوا أن أعدى أعدائك هو نفسك التي بين جنبيك ، فالإنسان قد يحدث نفسه بشيء ثم يلوم نفسه عليه ، وبناء على ذلك نجد أن لكل نفس شخصيتين : شخصية  فطرية سوية وشخصية استحواذية وشهوانية ، لذا اذا مالت الشخصية الشهوانية واتجهت إلى الطريق الغير مستقيم  ، عدلتها النفس الفطرية وراجعتها ووجهتها إلى الطريق المستقيم ، فالإنسان في صراع دائم بين هذين الشخصيتين ، ايهما ينتصر ويغلب ؟!.
فإن كانت الفطرة سوية والخير أكثر ؛ مالت النفس إلى الخير ، وإن كانت الفطرة استحواذية وشهوانية مالت النفس إلى الشر .
لذلك ، في شرع الله عز وجل إذا طغت النفوس وتجبرت وظلمت ومالوا عن الكريق المستقيم  ولم يكن هناك  مجال للناس إلا الشر ، فيرسل الله الرسل للناس للتذكير والعودة إلى الطريق المستقيم مرة أخرى .
وظلم النفس يكون بتحقيق شهوة عاجلة لترث الشقاء الدائم ، وهنا تكون قد ظلمت نفسك ، فأنت لم تحقق لنفسك شهوة  ؛ لأنك حققت شهوة عاجلة وزائلة مقابل شقاء دائم مستمر في الآخرة .
ومن الناس من يظلم نفسه بأن يعيش في الشهوات ولايفعلها ،مثل : من يعمل في كبارية أو خمارة ولا يشرب ولا يفعل الفواحش فهذا قد ظلم نفسه في الدنيا والآخرة ، فلا هومتعها بالشهوة في الدنيا ، ولا هو منعها من النار في الآخرة . 
والحل كما قال الله تعالى في سورة النساء : " ومن يعمل سوءا أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما " .
استغفر الله تجد الله غفورا رحيما .

 الإنسان يعاني مصاعب ومتاعب الحياة :


قال تعالى  : " لقد خلقنا الإنسان في كبد "  سورة البلد .
قال الكلبي : إن هذا نزل في رجل من بني جمح كان يقال له أبو الأشدين ، وكان يأخذ الأديم العكاظي فيجعله تحت قدميه ، فيقول : من أزالني عنه فله كذا . فيجذبه عشرة حتى يتمزق ولا تزول قدماه وكان من أعداء النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيه نزل أيحسب أن لن يقدر عليه أحد يعني : لقوته . وروي عن ابن عباس . في كبد أي شديدا ، يعني شديد الخلق وكان من أشد رجال قريش . وكذلك ركانة بن هشام بن عبد المطلب ، وكان مثلا في البأس والشدة .
 قال لبيد :               يا عين هلا بكيت أربد إذ قمنا وقام الخصوم في كبد

أنواع ما يكابده الإنسان :

قال يمان : لم يخلق الله خلقا يكابد ما يكابد ابن آدم وهو مع ذلك أضعف الخلق . قال علماؤنا : أول ما يكابد قطع سرته ، ثم إذا قمط قماطا ، وشد رباطا ، يكابد الضيق والتعب ، ثم يكابد الارتضاع ، ولو فاته لضاع ، ثم يكابد نبت أسنانه ، وتحرك لسانه ، ثم يكابد الفطام ، الذي هو أشد من اللطام ، ثم يكابد الختان ، والأوجاع والأحزان ، ثم يكابد المعلم وصولته ، والمؤدب وسياسته ، والأستاذ وهيبته ، ثم يكابد شغل التزويج والتعجيل فيه ، ثم يكابد شغل الأولاد ، والخدم والأجناد ، ثم يكابد شغل الدور ، وبناء القصور ، ثم الكبر والهرم ، وضعف الركبة والقدم ، في مصائب يكثر تعدادها ، ونوائب يطول إيرادها ، من صداع الرأس ، ووجع الأضراس ، ورمد العين ، وغم الدين ، ووجع السن ، وألم الأذن . ويكابد محنا في المال والنفس ، مثل الضرب والحبس ، ولا يمضي عليه يوم إلا يقاسي فيه شدة ، ولا يكابد إلا مشقة ، ثم الموت بعد ذلك كله ، ثم مساءلة الملك ، وضغطة القبر وظلمته ثم البعث والعرض على الله ، إلى أن يستقر به القرار ، إما في الجنة وإما في النار قال الله تعالى : لقد خلقنا الإنسان في كبد ، فلو كان الأمر إليه لما اختار هذه الشدائد . ودل هذا على أن له خالقا دبره ، وقضى عليه بهذه الأحوال فليمتثل أمره .

لقد خلق الله الإنسان سويا مستقيما . والإنسان يكابد ويقاسي من الشدائد في الدنيا ، وفي القبر ، ويوم يقوم الأشهاد ، وأنه ينبغي له أن يسعى في عمل يريحه من هذه الشدائد، ويوجب له الفرح والسرور الدائم . وإن لم يفعل، فإنه لا يزال يكابد العذاب الشديد أبد الآباد.
ولقد خلق الله  الإنسان في أحسن تقويم ، وأقوم خلقة، مقدر على التصرف والأعمال الشديدة ، ومع ذلك ، لم يشكر الله على هذه النعمة العظيمة ، بل بطر بالعافية وتجبر على خالقه ، فحسب بجهله وظلمه أن هذه الحال ستدوم له ، وأن سلطان تصرفه لا ينعزل ،
 الآن عزيزي القارئ ، هلعلمت الإجابة عن السؤال عنوان المقالة : هل الإنسان العجول ظالم أم مظلوم ؟! .

همسة :

طلبت القوة، فأعطاني الله التحديات لأقوى .
طلبت الحكمة ، فأعطاني الله المشاكل لحلها .
طلبت التوفيق والسداد، فأعطاني الله العقل والجسم لأعمل.
طلبت الشجاعة ، فأعطاني الله العقبات لأتخطاها .
طلبت المحبة ، فأعطاني الله أشخاص متعبين في التعامل لأساعدهم بمحبة . 
طلبت الثناء والعطف، فأعطاني الله الفرص المختلفة للعمل من خلالها .
لم أحصل على شيء مما طلبت !!! ولكن الله بالتأكيد أوهبني كل ما أحتاجه.
عش حياتك بلا خوف ولا عجله ، واجه الصعاب ولا تظلم نفسك ، واثبت لنفسك وللآخرين قدرتك على اجتيازها، كن صبوراعالما بما تعمل عاملا بما تعلم ، وأهم شيء :
حب لأخيك ما تحب لنفسك ، فلن تؤمن إلا بها ، أحب له الجنة ، أبعده عن النار ، ادع له ، ترفق به ، ...  أحبه .

هذا والله أعلى وأعلم .


تمت بحمد الله تعالى . 

إن أعجبتكم المدونة واستفدتم منها فلا تبخلوا علينا بنشرها ومشاركتها مع أصدقائكم لتعم الفائدة .
Mr Hamoud


Mr Hamoud
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع Mr Hamoud .

جديد قسم : معلومات ثقافية

إرسال تعليق