-->

متابعة

هكذا كانت العرب تحفظ نساءها .. الحُجَيْجَة والحُرَقَة ..!

 هكذا كانت العرب تحفظ نساءها ..

الحُجَيْجَة والحُرَقَة ..!

هكذا كانت العرب تحفظ نساءها .. الحُجَيْجَة والحُرَقَة ..!
https://www.mr-alihamoud.com/2021/01/Hojijah-and-Horka.html

هكذا كانت العرب تحفظ نساءها ..

كانت هند بنت النعمان بن المنذر مشهورة بجمالها البارع وحسنها الفريد وكانت تلقب بـ " الحرقة " .. 
وسارت بتلك الأحاديث حتى وصلت سيرتها إلى كسرى ، فتمناها لنفسه . 
فأرسل إلى أبيها يطلبها للزواج ؛ فأنف النعمان أن يزوّجها من أعجمي ؛ فاعتذر .. 
فجنّد كسرى الجنود , وفتك بالنعمان ,, وهربت الحُرَقَةُ ؛ ناجية بنفسها وشرفها إلى بوادي العرب فى خفاء .
أرسل كسرى صوائح فى بلاد العرب ، أن برئت الذمة ممن يحمى أو يؤوى الحرقة ..
ولأن البشر سيظلون بشرًا يؤرقهم الخوف ، ويضنيهم الطمع ، وفى معظم الأحوال يؤثرون السلامة ، فصارت بعض القبائل التي تلجأ إليها الفتاة - ابنة الملك - التي أصبحت مشردة وجائعة تعتذر بهذا العذر أو بذاك ، فتارة سينتقلون إلى مرعى بعيد ، وتارة أنهم يتحسبون لهذا الأمر أو ذاك ..

قالت الحُرقة :

مـــا كنت أحسب والحوادث جمّـــــةٌ            أنى أموت ولم يَعدني العُــوّدُ
حتى رأيت على أرومــــــة مولــدي            ملكــــتتا يزول وشمــله يتبددُ
وغشيت كل العُـــرْب حتى لم أجـــد            ذا مِرّة حسن الحفيظة يوجــدُ
مُوتى بُعَيْدَ أبيــــــكِ ، كيف حياتُنـــا            والموتُ فهو لكل حيٍ مُرصَدُ
خاب الرجا ، ذهب العزا ، قل الوفا            لا السهل سهلُ ولا نجودٌ انجُدُ
جمدت عيون الناس من عبراتــــها            وقلوبهم صمٌ صـــــلادٌ جلمَـــدُ

راحت الجميلة اليتيمة تتجول متخفية ، تعانى الخوف والحزن والجوع ، إلى أن وصلت إلى قبيلة بنى شيبان .
كان ثعلبة الشيباني شيخ القبيلة قد مات ، وخلفه ابنه الفارس المغوار عمرو بن ثعلبة الشيباني .
وكانت شقيقته الكبرى صفية بنت ثعلبة هى حكيمة القبيلة وشاعرتها .
وكانوا لا يبرمون أمرًا قبل الرجوع إليها . 
وكانوا يسمونها ( الحُجَيْجَة) لقوة منطقها ، وكانت أبية النفس ، عظيمة المناقب ، رفيعة المآثر .
وصلت الحرقة إلى  مضارب القبيلة ، وقابلت صفية وحكت قصتها .. 
ثارت الحجيجة غضبًا ، وانتفضت حقدًا .. 
وهبت تجمع قومها وعلى رأسهم أخيها عمرو صائحة معلنة أنها أجارت الحرقة :

أحيوا الجـــوارَ فقد أمــــاتته معــا            كل الأعـــارب يابنى شيبــانِ
ما العذر ؟ قد نشدت جواري حرّةٌ            مغروسةٌ في  الدرّ والمرجانِ
بنتُ الملوك ذوي الممالك والعُـلى            ذاتُ الجمال وصفوةُ النعمانِ
أتهـــاتفون وتشحذون سيوفَــــــكم            وتقوّمون ذوابــــــل المـرّانِ
وعلى الأكــــاسر قد أجرت لحرةٍ            بكهول معشــرِنا وبالشبّـــانِ
شيبـــان قومي هل قبيلٌ مثلـــــهم            عند الكفاح وكرّة الفرســــانِ
إني حُجَيجةُ وائـــــلٍ وبوائـــــــلٍ            ينجو الطريد بناقــة وحصانٍ
يا آل شيبــــــانٍ ظفرتُمْ فى الــدنا            بالفخر والمعروف والإحسانِ

أتت الأخبار كسرى فأرغى وأزبد .. 

وأتت الأخبار كسرى فأرغى وأزبد .. كيف تجرؤ أعرابية كهذه أن تتحدى كسرى العظيم ؟! .. لا بد من تأديب هؤلاء الأجلاف .
أرسل كسرى كتيبة من الفرسان المدججين ، لتأديب بني شيبان ، وانتزاع الحُرَقَة قسرًا والعودة بها .
ولكن ماهذا ؟! ، مجموعة من الشياطين انبرت لكتيبة كسرى قتلا وذبحًا وأسرًا .. 
ذعر العجم ، وفروا مهزومين مدهوشين تاركين غنائم كثيرة .

صاحت صفية :

أنا الحُجَيْجَةُ من قوم ذوى شرفٍ            أولى الحفــــــاظ وأهل العز والكرمِ
قولوا لكسرى أجرنا جارةً فثوت            فى شامخِ العزِِ ياكسرى على الرُغُمِِ
نحن الذين إذا قمنــــــــــا لداهيةٍ            لم نبتدعْ عندهــــــــا شيئًــا من الندمِ
نحوطُ جارَتنـــــا من كل نائبـــةٍ            ونرفدُ الجـــــارَ مايرضى من النعـمِ

فأرسل قواد جند كسرى رسولين إلى بنى شيبان ، يطلبان إليهم : أن تنزل الحرقة على طاعة "منصور" أحد قواد كسرى ، وهو عربيٌ ! , وسيبرئ الشيبانيين مما اجترموه .
قابل الرسولان الحجيجة ، فأبت وقالت لهما :
قولا لمنصورَ لا دَرّت خلائفــهُ            ما صاح فيهم غرابُ البينِ أو نعقا
من زوّّج الفرسَ يا متبولُ قبلكمُ            من الأعــارب يامخذولُ أو سبقــا
ياويح أمــــــك يامنصور ان لنا            خيْلا كراما تصون الجار ما عَلِقا
فمت بغيظك يا منصور واحيَ على        بغضاك قومى وشمّرْ كل يوم لقا
آلت بنو بكرَ ترضى ماكتبتَ به            يا ابن الدنيّةِ فاجملْ ان اردتَ بقـا

فهجم منصور عليهم ؛ فكسروه . 
فعاد الى كسرى ، فأمده بجندٍ من العرب يعدون عشرين ألفًا فى أموالٍ كثيرةٍ ومؤن وافرة . 
فلما علمت الحجيجة بأمرهم قالت :
ياعمروُ عمروُ اجبنى يابن ثعلبـةٍ            يا شبهَ برّاقَ يوم القتلِ والسلَبِ
لأجل عشرين ألفا اُضحِ صارخةً            فى آل بكرٍ وذا شئٌ من العجَبِ
لا تكشفونى بهذا اليوم وارتقبــوا        يومى لوقت اجتماع العجمِ والعربِ

تأهب القوم للقتال .

وجاءتهم عساكر المنصور .. جلاد عظيم ، وكفاح رهيب .. الظالم فى عشرين ألفا يقاتل المظلومين المنافحين عن شرفهم وكرامتهم .. معركة طاحنة ، انتهت بهزيمة المنصور وتفرق جيشة الجرار ، وعاد إلى كسرى منهزما .
أمر كسرى الطميْح - وهو من قواده العرب المعدودين - أن يعد جيشا جرارًا للإنتقام من العرب ..
أحزن الطميح أن يهدر كسرى دماء قومه العرب ظلمًا وعدوانًا ؛ فأرسل سرًا إلى بنى شيبان يعلمهم ويحذرهم من الآتى الرهيب .
أرسلت الحجيجة إلى الطميح تشكر له نصحه وتحذيره قائلة :
لله دَرُّك من نصيــحٍ صــــــادقٍ            والنصحُ رأيك أيها الإنســـــــانُ
جــــــاء الرسولُ بنصحه ولأنهُ            محفوظةٌ أســرارُه وتُصـــــــانُ
واليوم يومُ حُجَيْجةٍ من وائـــــلٍ            جاءت بها الأنبـاءُ والأزمـــــانُ
شيبان قومى والأعاربُ دعوتى            وعزيزةٌ فيهم فلسـتُ أهـــــــــنُ
قلْ للطميحِ فدتهُ فتيـــانُ الوغـى            عندى لكسرى القلبُ والأبـــدانُ
باللهِ أفزع ُ من كثيفِ جنـــــودِهِ            وأنا تجيب لدعوتى العربــــــانُ
أبلغ طميحًــــا يارسولُ وقل له             بسيوف تغلِبَ تُغلبُ الأقـــــرانُ

ثم قالت لقومها : 

أتستقيمون ، وتصبرون أم أستجير لى ولجارتى بقبائل غيركم ، وأريكم العزّ الأعزّ والعديد ؟ .
وقالت :
ماذا ترونَ يا بنى بكر فقد نزلــت            كِبْرُ النوائبِ والأخرى على الأثرِ
أتصبرون لشعـــــــواء مُلَمْلَمــــةٍ            فيها الأعــــــاجمُ بالنشّـاب والوترِ
أم لستمُ أهل صبرٍ فى لوازمــــها            عند الحفائظِ والجـــاراتِ والخَفَـرِ
إنى أجرت بكم ياقومُ فاصطبروا             فالصبرُ يحللُ فوق الأنجمِ الزُّهُـرِ
يا أيهــــا الشمُ أنتم حافظو ذممى             وأنتمُ فلعمرى العــزُّ من عُمـــرى
إما صبرتُمْ فلا أدعو لغيركــــــمُ             وإن جزعتم أنادى كـلَ ذى حُضُرِ
بكل سامٍ إلى الهيجاءِ ذى شــرفٍ            وأرى الزنادِ كريمِ الجدّ من مُضَرِ

فأجابها قومها إلى طلبها ، وقاموا على الاستعداد للقاء جند كسرى . 
ولم يخطر على بال أحد , أن كسرى قرر أن يقود الجيش بنفسه ، وجعل ابنه الأكبر على الميمنة وابنه الأصغر على الميسرة .. 
أصبحت المسألة بالنسبة له مسألة كرامة وعزة بالإثم ، أصبحت بالنسبة له مسألة مجـــد الفرس ، وهكذا أعدّ جيشا لم تر الصحراء مثله ، جيشا تجاوز مائة ألف مقاتل جلّهم فرسان .
آه لك ياعروبة ، كلما جاءت الأنباء بعظم الجيش القادم ، كلما راحت القبائل تسارع للانضمام .
 كل من تهرّب من إيواء الحُرَقة جاء الآن بكل مايملك من رجال وعتاد ليشارك فى صد العدوان الغاشم . 
أصبحت الحُرَقَةُ ابنةَ كل رجلٍ ، وأختَ كل فارس . أصبحت رمزا للكرامة العربية .
تركت الحُجيجة ناقتها وامتطت فرسا ، وراحت تطوف بالقبائل صارخة مستنهضة محرّضة .. 
راحت تخاطبهم فرقة فرقة ، وقبيلة قبيلة .

خاطبت بنى حنيفة :

إيها أجيدوا الضرب ياحنيفـــةْ            فأنتمُ الجُمجُمـةُ الشريفــــــــــةْ
حامى على أعراضك النظيفـةْ            إن الجنودَ حولكـــــــــم كثيفـةْ

ثم أقبلت على بنى لجيم :
لُجَيْمُ قومى وبنو أبيــــــــــنا            ليسوا لدى الهيجا مُغلّبيـــــنا
بل ظافرون وحُماةٌ فيـــــــنا            العزُّ فيهم حين يُلجِمـــــــونا
ويَسرحون ثُم يحملــــــــونا            إيها بنى الأعمـامِ فانصرونا

ثم أقبلت الى بنى عجل , وهم أهلها الأدنون :
الفخرُ فخرى بسراةِ عِجْــــــــلِ            هم معشرى فى نجدهم والسهلٍ
هم السراةُ وحماةُ الأهــــــــــلِ             والفائقـونَ بشريفِ الفعـــــــــلِ
إيها أبيدوا جمعَهُم بالقتـــــــــلِ             ولا تكونوا غرضــا للنَبْــــــــلِ

ثم عطفت على بنى ذهل وانشأت تقول :
اليومَ يومُ العزّ لا يومُ النــــــــدمْ            يومُ رماحٍ وجيادٍ وخـــــــــــــدَمْ
للوائليات التى تحمى البُهــــــــمْ            با آلَ بكرٍ لا تَهَلكُمُ العجــــــــــمْ
من الذى يحمى الخيــــامَ والنعَمْ            إن صبرت ذُهْلٌ فعِزّى اليومَ تَمْ

ثم اختلطت ببنى شيبان وراحت تسير هنا وهناك وهم من خلفها .. 
نموذج رفيع للمرأة العربية الواثقة من نفسها ومن رجالها ومن عدالة قضيتها .. راحت صفية بنت ثعلبة الشيبانية تركض هاتفة :
إيهاً بنى شيبانَ صفاً بعدَ صــــــفْ            من يُردِ العَلياءَ لم يخشَ التلـــــــفْ
اليومَ يومُ العزّ موصوفُ الشـــرفْ            إن حافظت قومى فما بى من أسفْ
أنا ابنة العزّ وعرضى اليوم عــفْ             بكل نصلٍ كالشهابِ المُختطــــــفْ

انبلج الفجر على مشهد رهيب يشيب لهوله الولدان .. 
عشرات الألوف من فرسان كسرى يحجبون الشمس الطالعة التى ترقب بدهشة وتسجّل إلى أي مدى تبلغ غطرسة الطغاة وصلفهم وتجبرهم .
ولكن القبائل العربية تلاحمت وتساندت وتواصت وهجمت هجمة واحدة ؛ ليبدأ اليوم الأول من هذه الموقعة الهائلة ، والتى عرفت بوقعة ذى قار .
وقفت صفية ترقب وقلبها يكاد ينخلع من هول ماترى ، تكاثر جنود العجم على العرب حتى كادوا ينهزمون.. 
راحت ترقب من بعيد شقيقها الأصغر فارس بنى شيبان عمرو بن ثعلبة وهو يلقى بنفسه بين جموع العجم ،كأنه الموت لادافع له ،
كان يشق الصفوف ويجندل الفرسان ... ولكن العجم يتكاثرون ويتكاثرون ، كأن لا نهاية للأعداد التى جاء بها كسرى .
بدأ العرب تحت وطأة الكثرة الضارية يتراجعون ..
فهجمت صفية بسيف مسلول تقطع حبال هوادج النساء ، فسقطت النساء عن الجمال ، ورأى رجالهن ذلك ، فعطفوا على القتال عطفة من لا يريد الحياة .. 
شقت الحُجيجة الصفوف مقتربة من أخيها بحيث يسمعها وراحت تصيح :
ياعمروُ ياعمرو الفتى بنَ ثعلبة
حامِ على جارتك المُستقرَبـــــةْ
وزاحم العجمان عند العقَبــــــةْ .

فحمل أخوها والرجال حملة صادقة ، ولكن الكثرة كادت تفنيهم ..
وإذا بغبار هائل يتصاعد من الأفق ، فقد أحست قبيلة بنى يشكر وعليها فارس العرب ظليم بن الحارث وشاعرهم الحارث بن حلّزة اليشكرى ، بما يحدث مع قومهم ، فجاءوا مددا ضد كسرى .

صاحت صفية كالمجنونة :

هذا ظليم جاءكم فى يَشكُــــــرِِ            كليث غاباتٍ مهوسٍ مُخْــــدرِِ
يا فارسا تحت العجاج الأكبـرِِِ            إحْملْ هُديتَ حملةَالمنتصــــرِِ

هجم اليشكريون وفرّجوا عن بنى شيبان .. وصفية تقول :
احمل ظليمُ فى العجاج الأسودِ            أدرك فأنت غاية المستنجـــــدِ
واعدُ على القومِ كعدو الأســدِ             باليشكريين كــــرام المحتــــدِ

غابت الشمس , وافترق الجمعان , وانتهى اليوم الأول .
أرسلت الحُجيجة الى الطميح شيخ قبيلة إياد والقائد العربي فى جيش كسرى :
ليس للعُجْم نُصرٍَِةٌ فى عشيرى            إن ارادَ الطميحُ نجلُ الكـــرامِ
إن تولت لنا إيادُ انهزامـــــــــا            كان منهم هزيمةُ الأعجــــــامِ
وملكنا العُلّوَ والفخرَ طــــــولَ            الدهرحتى آخــــــر الأيــــــامِ
ان نصرَ الطميح أكرمُ نصـرٍ             وحُنوٍّ على بنى الأعمــــــــامِ

فوافقها الطميحُ على ذلك .
وفى اليوم الثانى : فوجئ كسرى بقبيلة إياد تترك صفوفه و تنضم الى العرب ، فأعاد ترتيب صفوفه ، وبدأ القتال الطاحن حتى غابت الشمس وافترق الجمعان . 
وفى اليوم الثالث : كان تفوق العجم واضحا ، ولكن بسالة العرب مكنتهم من الصمود .
فى اليوم الرابع : جاءت صفية بالحرقة وقالت لها : كونى قريبة منى ..
وانتدبت فوارس قومها ، ورأست عليهم أخاها وأنشأت تقول لهم والحرقة واقفة بجانبها :
ياعمرو يا من أجار الحُرَقــــــةْ            يا رأس شيبان الكماة المُعْرِقـــةْ
أكرم خيلىِ من سعى أو لحِقَــــهْ            والعجم صرعى جمعهُمْ مُفترقةْ

وقالت للحرقة : هذا آخر يوم بيننا وبين هؤلاء القوم ، فاسفرى على عمرو وأوصيه بما شئت . 
فأسفرت الحرقة بوجه زاهر وحسن باهر وأنشدت :
حافظ على الحسبِ النفيس الأرفـــعِ            بمدجّجين مع الرمـــــاح الشُّـــــرَّعِ
واليوم يوم الفصــــل منــــك ومنهمُ            فاصبر لكـــل شديــــدة لم تُدفـــــــعِ
ياعمرو ياعمرو الكفاحَ لدى الوغى            ياليثَ غابٍ فى اجتمــــــاع المجمعِ
أظهر وفــــــــاءً يا فتى وعزيمــــةً            أتُضيعُ مجـــــدا كان غيرَ مُضيّــــعِ

هجم الفارس عمرو بن ثعلبة ، وهجم الفارس ظليم اليشكري ، وهجم الفارس جدابة ، وهجم الفارس شهاب ، وهجم الفارس شعثم ، وهجم كل فرسان العرب فى هجمة واحدة ؛ فرّقوا بها صفوف العجم ، ومزقوهم شر ممزق ، وقتلوا أولاد الملك كسرى ، وأصيب كسرى نفسه ، فلم يجد مفرا من الإنسحاب مهزوما كسيرا . 
وغنم العرب غنائم لا تحصى من الذهب والفضة والديباج واللؤلؤ والدر وكل ثمين ، هذا عدا النصر المبين الذى تفوقت به العرب على العجم وانتصفت منهم .

قالت الحُرَقة :

المجدُ والشرفُ الجسيــــمُ الأرفــعُ            لصفيةٍ فى قومهـــــــا يُتوقـــــــــعُ
ذات الحجاب لغير يومِ كريهــــــةٍ            ولدى الهياج يُحلُ عنها البرقــــــعُ
لا أنسَ ليلةَ اذ نزلت بسوحهـــــــا            والقلبُ يخفقُ والنواظـرُ تدمـــــــعُ
والنفسُ فى غمرات حزنٍ فــــادحٍ            ولهى الفــــــؤادِ كئيبــة أتفجّـــــــعُ
مطرودةً من بعد قتـــــــل أبـــوّتى            ما إن أُجارُ ولم يسعنى المضجــعُ
ويئست من جارٍ يُجيرُ تكرمـــــــا            فأُجرت واندمــلت هناك الأضلـــعُ
وتواردوا حوضَ المنيّــةِ دون أن            تُسبى خفيرةُ أختهـــم واستجمعـــوا
وألح كسرى بالجنــــــــود عليهمُ            وطميحُ يردفُ بالســــيوفِ ويدفـــعُ
وهمُ عليه واردون بطرفهــــــــم            والنصرُ تحت لوائـــهم يترعـــــرعُ

الأهم من كل ذلك أنه لم يرو أن أحدا من كل هؤلاء الفرسان البواسل الذين خاضوا حرب الحفاظ علي الحرقة وعلى كرامتها  ، حاول أن يطلبها  للزواج ، وهذه هى الرجولة الحقيقية ..
بل أعطوها ألف ناقة حملوها بجلّ ما غنموه من كسرى ، وأكرموها غاية الإكرام .
وقد تزوجت هند بنت النعمان بعد ذلك المنذر بن الريان أحد أبناء الملوك ، وقد أسلم ، وقتل بين يدى الرسول - صلى الله عليه وسلم - فى غزوة  أُحد ، هو وحمزة رضى الله عنه .
ثم أتت سعدا بن أبي وقاص - رضي الله عنه - فى الحيرة بعد معركة القادسية ، فأكرمها البطل سعد وحفظ لها مقامها وعاملها معاملة العظماء ، وخرجت من عنده مغتبطة ، وسألها الناس ما صنع بك الأمير ؟! ، 
قالت :" إنما يكرم الكريمَ الكريمُ " .

هذا والله أعلى وأعلم

تمت بحمد الله تعالى . 

إن أعجبتكم المدونة واستفدتم منها فلا تبخلوا علينا بنشرها ومشاركتها مع أصدقائكم لتعم الفائدة . 
Mr Hamoud

Mr Hamoud
كاتب المقالة
كاتب ومحرر اخبار اعمل في موقع Mr Hamoud .

جديد قسم : معلومات ثقافية

إرسال تعليق